التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

( 5 ) الخالق : قيل إن معنى الكلمة المقدر لما يوجده على ما اقتضته حكمته .

( 6 ) البارئ : قيل إن معناها الموجد لما يخلقه من العدم أو المنشئ له أو المميز لأنواعه .

{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 21 ) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ( 22 ) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ( 1 ) السَّلَامُ( 2 ) الْمُؤْمِنُ( 3 ) الْمُهَيْمِنُ ( 4 ) الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 23 ) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ( 5 ) الْبَارِئُ ( 6 ) الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 24 ) } [ 21 24 ] .

تعليق على الآية :

{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }والآيتين التاليتين لها :

لم يرو المفسرون مناسبة لنزول هذه الآيات أيضا ، والمتبادر أنها استمرار للتعقيب على الآيات السابقة وبقصد تقرير كون ما في القرآن من الآيات والمعاني والحكمة والموعظة والقوة الروحانية والهداية لو نزل على جبل لخشي الله وتصدع من خشيته . وكون الذي أنزله هو الله ذو الأسماء الحسنى الذي يسبح له ما في السموات والأرض ويعنون لعظمته وقدرته ، المتقدس المنزه عن كل شائبة الذي لا يعزب عن علمه وإحاطته شيء ظاهر وخفي وحاضر وغائب ، العظيم في رحمته واهب الأمن والسلام ، القوي الذي أوجد كل شيء من العدم وميّز أنواعه . الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه الحكمة . المتعالي عن كل شريك وندّ . وكون ذلك يستوجب تأثر الناس بالقرآن وخشيتهم وخضوعهم جميعا لله اعترافا وعبادة وطاعة . وكون ذلك مما ينبه الله تعالى إليه الناس لعلهم يتنبهون ويتفكرون فيما يجب عليهم نحوه ويؤيدونه له .

وقد انطوى فيها معنى التأنيب والتنديد للذين لا يتأثرون بالقرآن ولا يخلصون لله وهم الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، الذين حذرت الآيات السابقة المؤمنين من أن يكونوا مثلهم .

ختام السورة:

ولقد احتوت الآيات مجموعة رائعة من أسماء الله الحسنى لم تجتمع في مجموعة قرآنية أخرى مع التنبيه ، على أنها وردت متفرقة في آيات متعددة . وأسلوبها نافذ من شأنه أن يثير في النفس الطيبة الشعور بهيبة الله وعظمته وقوة القرآن الروحية .

ولقد أورد ابن كثير في سياق تفسير هذه الآيات حديثا أخرجه الإمام أحمد عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ الآيات الثلاث من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا . ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة " .

وفي الحديث تنويه قوي بفضل الآيات وقوة روحانيتها . ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب بحديثه أصحابه المؤمنين المخلصين الصالحي الأعمال ؛ حيث يسوغ هذا أن يقال : إن الشخص الذي يعمل به ويريد أن يحصل على المنزلة المذكورة فيه لا بد من أن يكون متحققا بالإيمان والإخلاص والصلاح في الوقت نفسه .

ولقد أورد المفسر نفسه في سياقها أيضا حديثا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أسماء الله الحسنى أوردناه وأوردنا الأسماء الحسنى المذكورة فيه وعلقنا عليه في سياق تفسير الآية [ 180 ] من سورة الأعراف فنكتفي بهذا التنبيه .