السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

{ هو } أي : الذي لا شيء يستحق أن يطلق عليه هذا الضمير غيره لأنّ وجوده من ذاته ، ولا شيء غيره إلا وهو ممكن ولما ابتدأ بهذا الغيب المحض الذي هو أظهر الأشياء أخبر عنه بأشهر الأشياء الذي لم يقع فيه شركة بوجه . فقال تعالى : { الله } أي : الذي ليس له سميّ فلا كفء له فهو المعبود بالحق فلا شريك له بوجه { الخالق } أي : المقدر للأشياء على مقتضى حكمته { البارئ } أي : المخترع المنشئ للأشياء من العدم إلى الوجود برياً من التفاوت وقوله تعالى : { المصور } أي : الذي يخلق صور الأشياء على ما يريد بكسر الواو ورفع الراء إما صفة ، وإمّا خبر واحترزت بهذا الضبط عن قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن فإنهما قرأا بفتح الواو ونصب الراء ، وهي قراءة شاذة وإنما تعرّضت لها لأبين وجهها ، وهو أن تخرّج هذه القراءة على أن يكون المصور منصوباً بالبارئ ، والمصوّر هو الإنسان إمّا آدم وإما هو وبنوه وعلى هذه القراءة يحرم الوقف على المصوّر بل يجب الوصل ليظهر النصب في الراء ، وإلا فقد يتوهم منه في الوقف ما لا يجوز { له } أي : خاصة { الأسماء الحسنى } التسعة والتسعون الوارد فيها الحديث ، وقد ذكرتها في سورة الإسراء . والحسنى تأنيث الأحسن { يسبح } أي : يكرّر التنزيه الأعظم عن كل شيء من شوائب النقص على سبيل التجدّد والاستمرار { له } أي : على وجه التخصيص { ما في السماوات } أي السماوات وما فيها { والأرض } وما فيها { وهو } أي : والحال أنه وحده { العزيز } أي : الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء { الحكيم } أي : الجامع الكمالات بأسرها فإنها راجعة إلى الكمال في القدرة والعلم .

ختام السورة:

وعن معقل بن يسار أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيداً ، ومن قاله حين يمسي كان كذلك » .

أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب . وعن أبي هريرة أنه قال : «سألت خليلي أبا القاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسم الله الأعظم فقال : عليك بآخر سورة الحشر فأكثر قراءتها فأعدت عليه فأعاد علي » وقال جابر بن زيد : إنّ اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية . وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال «من قرأ سورة الحشر غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر » حديث موضوع .