المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهَا حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٖ مَّنضُودٖ} (82)

82- فلما جاء وقت العذاب الذي قدرناه وقضينا به ، جعلنا عالي القرية التي كان يعيش فيها قوم لوط سافلها ، فقلبناها ، وأمطرنا عليهم في أثناء ذلك حجارة من طين حمى بالنار حتى تحجَّر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهَا حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٖ مَّنضُودٖ} (82)

{ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا } بنزول العذاب ، وإحلاله فيهم { جَعَلْنَا } ديارهم { عَالِيَهَا سَافِلَهَا } أي : قلبناها عليهم { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ } أي : من حجارة النار الشديدة الحرارة { مَنْضُودٍ } أي . متتابعة ، تتبع من شذ عن القرية .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهَا حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٖ مَّنضُودٖ} (82)

ثم حكى - سبحانه - فى نهاية القصة ما حل بهؤلاء المجرمين من عذاب فقال : { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ . مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ } .

أى : " فلما أمرنا " بإهلاك هؤلاء القوم المفسدين { جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } أى : جعلنا أعلى بيوتهم أسفلها ، بأن قلبناها عليهم ، وهى عقوبة مناسبة لجريمتهم حيث قلبوا فطرتهم ، فأتوا الذكران من العالمين ؛ وتركوا ما خلق لهم ربهم من أزواجهم . . .

وقوله : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } زيادة فى عقوبتهم ولعنهم .

أى : جعلنا أعلى قراهم أسفلها ، وأمطرنا عليها حجارة { مِّن سِجِّيلٍ } أى : من حجر وطين مختلط ، قد تجحر وتصلب { مَّنْضُودٍ } أى : متتابع فى النزول بدون انقطاع موضوع بعد على بعض ، من النضد وهو وضع الأشياء بعضها إلى بعض .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهَا حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٖ مَّنضُودٖ} (82)

{ فلما جاء أمرنا } . عذابنا أو أمرنا به ، ويؤيده الأصل وجعل التعذيب مسببا عنه بقوله : { جعلنا عاليها سافلها } فإنه جواب لما وكان حقه : جعلوا عاليها سافلها أي الملائكة المأمورون به ، فأسند إلى نفسه من حيث إنه المسبب تعظيما للأمر فإنه روي : ( أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت مدائنهم ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها عليهم ) . { وأمطرنا عليها } على المدن أو على شذاذها . { حجارة من سجّيل } من طين متحجر لقوله : { حجارة من طين } وأصله سنك كل فعرب . وقيل إنه من أسجله إذا أرسله أو أدر عطيته ، والمعنى من مثل الشيء المرسل أو من مثل العطية في الإدرار ، أو من السجل أي مما كتب الله أن يعذبهم به وقيل أصله من سجين أي من جهنم فأبدلت نونه لاماً . { منضود } نضد معدا لعذابهم ، أو نضد في الإرسال بتتابع بعضه بعضا كقطار الأمطار ، أو نضد بعضه على بعض وألصق به .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهَا حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٖ مَّنضُودٖ} (82)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول الله: {فلما جاء أمرنا} يعني قولنا في نزول العذاب، {جعلنا عليها سافلها} يعني الخسف، {وأمطرنا عليها}، يعني على أهلها من كان خارجا من المدائن الأربع، {حجارة من سجيل}، يعني حجارة خالطها الطين، {منضود} يعني ملزق الحجر بالطين...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ولما جاء أمرنا بالعذاب وقضاؤنا فيهم بالهلاك، "جَعَلْنا عالِيَها "يعني عالي قريتهم "سافِلَها وأمْطَرْنا عَلَيْها" يقول: وأرسلنا عليها "حِجَارَةً مِنْ سِجّيلٍ".

واختلف أهل التأويل في معنى سجيل؛ فقال بعضهم: هو بالفارسية سِنْك وكل... عن مجاهد، في قوله: "مِنْ سِجّيلٍ" بالفارسية: أوّلها حجر وآخرها طين...عن قتادة: السجيل: الطين...

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريين يقول: السجيل: هو من الحجارة الصلب الشديد...

وقال بعضهم: تحوّل اللام نونا. وقال آخر منهم: هو فعيل من قول القائل: أسجلته: أرسلته، فكأنه من ذلك أي مرسلة عليهم. وقال آخر منهم: بل هو من «سجلت له سجلاً» من العطاء، فكأنه قيل: منحوا ذلك البلاء فأعطوه. وقالوا أسجله: أهمله. وقال بعضهم: هو من السّجِلّ، لأنه كان فيها علم كالكتاب. وقال آخر منهم: بل هو طين يطبخ كما يطبخ الآجرّ...

والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله المفسرون، وهو أنها من طين، وبذلك وصفها الله في كتابه في موضع، وذلك قوله: "لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوّمَةً عِنْدَ رَبّكَ للْمُسْرِفِينَ"...

وأما قوله:"مَنْضُودٍ" فإن قتادة وعكرمة يقولان فيه...: مَنْضُودٍ يقول: مصفوفة...

عن الربيع بن أنس، في قوله "مَنْضُودٍ" قال: نضد بعضه على بعض...

عن أبي بكر الهذليّ بن عبد الله: أما قوله: "مَنْضُودٍ" فإنها في السماء منضودة: معدّة، وهي من عدّة الله التي أعدّ للظلمة.

وقال بعضهم: منضود: يتبع بعضه بعضا عليهم، قال: فذلك نَضْدُهُ.

والصواب من القول في ذلك ما قاله الربيع بن أنس، وذلك أن قوله: "مَنْضُودٍ" من نعت «سجيل»، لا من نعت الحجارة، وإنما أمطر القوم حجارة من طين، صفة ذلك الطين أنه نضد بعضه إلى بعض، فيصير حجارة، ولم يمطروا الطين فيكون موصوفا بأنه تتابع على القوم بمجيئه، وإنما كان جائزا أن يكون على ما تأوّله هذا المتأوّل لو كان التنزيل بالنصب منضودة فيكون من نعت الحجارة حينئذ.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما انقضى تسكين لوط عليه السلام والتقدم إليه فيما يفعل، أخبر تعالى عن حال قومه فقال: {فلما جاء أمرنا} بالفاء لما مضى في قصة صالح عليه السلام من التسبيب والتعقيب، أي فلما خرج منها لوط بأهله جاءها أمرنا، ولما جاء أمرنا الذي هو عذابنا والأمر به {جعلنا} بما لنا من العظمة {عاليها} أي عالي مدنهم وهم فيها {سافلها وأمطرنا عليها} أي على مدنهم بعد قلبها من أجلهم وسيأتي في سورة الحجر سر الإتيان هنا بضمير "ها "دون ضمير "هم" {حجارة من سجيل} أي مرسلة من مكان هو في غاية العلو {منضود} بالحجارة هي فيه متراكبة بعضها على بعض...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{فلما جاء أمرنا} أي عذابنا أو موعده.

{جعلنا عليها سافلها} أي قلبنا أرضها أو قراها كلها وخسفنا بها الأرض، وسنة الله تعالى في خسف الأرض في قطر من الأقطار أن يحدث تحتها فراغ بقدرها بسبب تحول الأبخرة التي في جوفها بمشيئته وقدرته، فينقلب ما فوق إما مستويا وإما مائلا إلى جانب من الجوانب إن كان الفراغ تحته أوسع، وفي بعض هذه الأحوال يكون عاليها سافلها، ويجوز أن يكون معنى جعل عاليها سافلها إن ما كان سطحا لها هبط وغار فكان سافلها وحل محله غيره من اليابسة المجاورة أو من الماء، والمرجح عند علماء الأرض أن قرى لوط التي خسف بها تحت الماء المعروف ببحر لوط أو بحيرة لوط، وقيل من عهد قريب إن الباحثين عثروا على بعض آثارها كما تقدم.

{وأمطرنا عليها} أي قبل القلب، أو في أثنائه، وحكمته أن يصيب الشذاذ المتفرقين من أهلها.

{حجارة من سجيل} وفي سورة الذاريات {لنرسل عليهم حجارة من طين} [الذاريات: 33]. فالمراد إذا حجارة من مستنقع، وقال مجاهد: أولها حجر وآخرها طين، وقال الحسن: أصل الحجارة طين متحجر، والمعقول ما قلنا، وهو موافق لقول الراغب: السجيل حجر وطين مختلط، أصله فارسي فعرب، وقيل: إنه من النار، وأصله سجين، فأبدلت نونه لاما، وهو موافق لرواية سفر التكوين، فإن صح يكون من بركان من البراكين، ومثل هذا المطر يحصل عادة بإرسال الله إعصارا من الريح يحمل ذلك من بعض المستنقعات أو الأنهار فتلقيها حيث يشاء، ولا يمنع أن يكون هذا بتدبير الملائكة الموكلين بالأرض.

{منضود} أي متراكب بعضه في أثر بعض يقع طائفة بعد طائفة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

المشهد الأخير. مشهد الدمار المروع، اللائق بقوم لوط... فلما جاء موعد تنفيذ الأمر (جعلنا عاليها سافلها).. وهي صورة للتدمير الكامل الذي يقلب كل شيء ويغير المعالم ويمحوها. وهذا القلب وجعل عاليها سافلها أشبه شيء بتلك الفطرة المقلوبة الهابطة المرتكسة من قمة الإنسان إلى درك الحيوان. بل أحط من الحيوان، فالحيوان واقف ملتزم عند حدود فطرة الحيوان.. (وأمطرنا عليها حجارة من سجيل).. حجارة ملوثة بالطين.. وهي كذلك مناسبة وعلى قدر المقام: (منضود).. متراكم بعضه يلاحق بعضا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

المعنى أن القرية انقلبت عليهم انقلاب خسف حتى صار عالي البيوت سافلاً، أي وسافلها عالياً، وذلك من انقلاب الأرض بهم. وإنما اقتصر على ذكر جعل العالي سافلاً لأنه أدخل في الإهانة. والسجّيل: فُسّر بواد نارٍ في جهنّم يقال: سجّيل باللاّم، وسجّين بالنون. و {من} تبعيضية، وهو تشبيه بليغ، أي بحجارة كأنّها من سجيل جهنم... والمنضود: الموضوع بعضه على بعض. والمعنى هنا أنها متتابعة متتالية في النزول ليس بينها فترة. والمراد وصف الحجارة بذلك إلا أن الحجارة لمّا جعلت من سجّيل، أجري الوصف على سجّيل وهو يفضي إلى وصف الحجارة لأنّها منه...