ثم صرحت لهم بما ستفعله معه فقالت : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون } . وقوله : { فَنَاظِرَةٌ } معطوف على { مُرْسِلَةٌ } وهو من الانتظار بمعنى الترقب .
أى : وإنى قد قررت أن أرسل إلى سليمان وجنوده هدية ثمينة تليق بالملوك أصحاب الجاه والقوة والسلطان ، وإنى لمنتظرة ماذا سيقول سليمان لرسلى عندما يرى تلك الهدية . وماذا سيفعل معهم .
قال ابن عباس : قالت لقومها إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه ، وإن لم يقبلها فهو نبى فاتبعوه .
وقال قتادة : رحمها الله ورضى عنها ما كان أعقلها فى إسلامها وفى شركها ! ! لقد علمت أن الهدية تقع موقعا من الناس .
أي : سأبعث إليه بهدية تليق به وأنظر ماذا يكون جوابه بعد ذلك ، فلعله يقبل ذلك ويكف عنا ، أو يضرب{[22038]} علينا خَرَاجا نحمله إليه في كل عام ، ونلتزم له بذلك ويترك قتالنا ومحاربتنا . قال قتادة : رحمها الله ورضي عنها ، ما كان أعقلها في إسلامها وفي شركها ! ! علمت أن الهدية تقع موقعًا من الناس .
وقال ابن عباس وغير واحد : قالت لقومها : إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه ، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه .
{ وإني مرسلة إليهم بهدية } بيان لما ترى تقديمه في المصالحة ، والمعنى إني مرسلة رسلا بهدية ادفعه بها عن ملكي . { فناظرة بم يرجع المرسلون } من حاله حتى أعمل بحسب ذلك . روي إنها بعثت منذر بن عمرو في وفد وأرسلت معهم غلمانا على زي الجواري وجواري على زي الغلمان ، وحقا في درة عذراء وجزعة معوجة الثقب وقالت : إن كان نبيا ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقبا مستويا وسلك في الخرزة خيطا ، فلما وصلوا إلى معسكره ورأوا عظمة شأنه تقاصرت إليهم نفوسهم ، فلما وقفوا بين يديه وقد سبقهم جبريل بالحال فطلب الحق وأخبر عما فيه ، فأمر الأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة وأمر دودة بيضاء فأخذت الخيط ونفذت في الجزعة ، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه ثم رد الهدية .
روي أن بلقيس قالت لقومها إني أجرب هذا الرجل { بهدية } أعطيه فيها نفائس الأموال وأغرب عليه بأمور المملكة ، فإن كان ملكاً دنياوياً أرضاه المال فعملنا معه بحسب ذلك ، وإن كان نبياً لم يرضه المال ولازمنا في أمر الدين فينبغي أن نؤمن به ونتبعه على دينه ، فبعثت إليه { بهدية } عظيمة أكثر بعض الناس في تفصيلها فرأيت اختصار ذلك لعدم صحته ، واختبرت علمه فيما روي بأن بعثت إليه قدحاً فقالت : املأه لي ماء ليس من الأرض ولا من السماء ، وبعثت إليه درة فيها ثقب محلزق وقالت يدخل سلكها دون أن يقربها إنس ولا جان ، وبعثت أخرى غير مثقوبة وقالت يثقب هذه غير الإنس والجن ، فملأ سليمان القدح من عرق الخيل ، وأدخلت السلك دودة . وثقبت الدرة أرضة ماء ، وراجع سليمان مع رد الهدية بما في الآية وعبر عن «المرسلين »ب { جاء } وبقوله { ارجع } لما أراد به الرسول الذي يقع على الجمع والإفراد والتأنيث والتذكير ، وقرأ ابن مسعود » فلما جاؤوا سليمان وقرأ «ارجعوا » ، ووعيد سليمان لهم مقترن بدوامهم على كفرهم ، وذكر مجاهد أنها بعثت في هديتها بعدد كثير من العبيد بين غلام وجارية وجعلت زيهم واحداً وجربته في التفريق بينهم .
قال القاضي أبو محمد : وليس هذا بتجربة في مثل هذا الأمر الخطير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.