تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

ثم قالت المرأة لأهل مشورتها : { وإني مرسلة إليهم بهدية } أصانعهم على ملكي إن كانوا أهل دنيا ، { فناظرة بم يرجع المرسلون } آية ، من عنده بالجواب ، فأرسلت بالهدية مع الوفد عليهم المنذر بن عمر ، والهدية مائة وصيف ، ومائة وصيفة ، وجعلت للجارية قصة أمامها ، وقصة مؤخرها ، وجعلت للغلام قصة أمامه ، وذؤابة وسط رأسه ، وألبستهم لباسا واحدا ، وبعثت بحقة فيها جوهرتان إحدهما مثقوبة والأخرى غير مثقوبة . وقالت للوفد : إن كان نبيا ، فسيميز بين الجواري والغلمان ويخبر بما في الحقة ، ويرد الهدية فلا يقبلها ، وإن كان ملكا فسيقبل الهدية ولا يعلم ما في الحقة ، فلما انتهت الهدية إلى سليمان ، عليه السلام ، ميز بين الوصفاء والوصائف من قبل الوضوء ، وذلك أنه أمرهم بالوضوء فكانت الجارية تصب الماء على بطن ساعدها ، والغلام على ظهر ساعده ، فيميز بين الوصفاء والوصائف وحرك الحقة ، وجاء جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما فيها فقيل له : ادخل في المثقوبة خيطا من غير حيلة إنس ولا جان ، وأثقب الأخرى من غير حيلة إنس ولا جان ، وكانت الجوهرة المثقوبة معوجة ، فأتته دودة تكون في الفضفضة وهي الرطبة ، فربط في مؤخرها خيطا ، فدخلت الجوهرة حتى أنقذت الخيط إلى الجانب الآخر ، فجعل رزقها في الفضة ، وجاءت الأرضة فقالت لسليمان : اجعل رزقي في الخشب والسقوف والبيوت ، قال : نعم ، فثقبت الجوهرة فهذه حيلة من غير إنس ولا جان .

وسألوه ماء لم ينزل من السماء ، ولم يخرج من الأرض ، فأمر بالخيل فأجريت حتى عرقت فجمع العرق في شيء حتى صفا وجعله في قداح الزجاج ، فعجب الوفد من علمه ، وجاء جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما في الحقة فأخبرهم سليمان بما فيها ، ثم رد سليمان الهدية .