بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

ثم قالت المرأة : { وَإِنّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } يعني : أصانعهم بالمال ، فإن كان من أهل الدنيا ، فإنه يقبل ويرضى بذلك ويقال : أختبره أملك هو أم نبي ، فإن كان ملكاً قبلها ، وإن كان نبياً لم يقبلها { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون } يعني : أنظر بماذا يرجع المرسلون من الجواب من عنده ؟ وذكر في الخبر أنها بعثت إليه لبنتين من ذهب والمسك والعنبر ، وبعثت بعشرة غلمان ، وعشرة جواري . وكان في الجواري بعض الغلظة ، وكان في الغلمان بعض اللين ، وأمرت بأن تخضب أيديهم جميعاً ، وجعلتهم على هيئة الجواري ، وبعثت إليه جوهرة في ثقبها اعوجاج ، وطلبت أن يدخل الخيط فيها ، وكتبت إلى سليمان إن كنت نبياً ، فميز بين الجواري والغلمان ، فأمر سليمان الشياطين بأن يلقوا في طريق الرسل لبناً كثيراً من الذهب ، فلما جاءت رسل بلقيس استحقروا هديتهم ، فلما قدموا على سليمان أمر بماء ، فوضع وأمر الغلمان والجواري بأن يتوضؤا ، فجعل الغلام يحدر الماء على يده حدراً ، وأما الجواري ، فكن يصببن صباً . وفي رواية أُخرى كانت الجارية تأخذ الماء بكفها ، وتدلك ذراعها ، وأما الجوهرة ، فأخذ بوردة حمراء عقد فيها خيطاً ، ثم أدخلها في الحجر حتى خرجت من الجانب الآخر ، فرد الهدية . وقال للوافد : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } يعني : أتغرونني بالمال .