غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

15

ومفعول { مرسلة } محذوف أي مرسلة رسلاً مع هدية وهي اسم المهدي كالعطية اسم المعطي . وإنما رأت الإهداء أوّلاً لأن الهدية سبب استمالة القلوب . قال صلى الله عليه وسلم " تهادوا تحابوا " قال في الكشاف : روي أنها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري وحليهن الأساور والأطواق والقرطة راكبي خيل مغشاة بالديباج مرصعة اللجم والسروج بالجواهر ، وخمسمائة جارية على رماك في زي الغلمان ، وألف لبنة من ذهب وفضة وتاجاً مكللاً بالدر والياقوت ، وحقاً فيه درة عذراء وجزعة معوجة الثقب : وبعثت رجلين من أشراف قومها- المنذر بن عمرو وآخر ذا رأي وعقل -وقالت : إن كان نبياً ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقباً مستوياً وسلك في الخرزة خيطاً . ثم قالت : للمنذر : إن نظر إليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك ، وإن رأيته بشاً لطيفاً فهو نبي . فأقبل الهدهد فأخبر سليمان فأمر الجن فضربوا لبن الذهب والفضة وفرشوه في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ وجعلوا حول الميدان حائطاً شرفه من الذهب والفضة ، وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان وعن يساره على اللبنات ، وأمر بأولاد الجن وهم خلق كثير فأقيموا عن اليمين وعن اليسار ، ثم قعد على سريره والكراسي من جانبيه ، واصطفت الشياطين صفوفاً فراسخ والأنس كذلك ، والوحش والطير كذلك . فلما دنا القوم ونظروا بهتوا ورأوا الدواب على اللبنات فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم ، ولما وقفوا بين يديه نظر إليهم بوجه طلق وقال : ما وراءكم ؟ وقال : أين الحق ؟ وأخبرهم بما فيه . ثم أمر الأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة فجعل رزقها في الشجر ، وأخذت دودة بيضاء الخيط فأدخلته في الجزعة ، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها ، والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه .

/خ44