فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

ثم لما قدّمت لهم هذه المقدّمة ، وبيّنت لهم ما في دخول الملوك إلى أرضهم من المفسدة ، أوضحت لهم وجه الرأي عندها ، وصرحت لهم بصوابه ، فقالت : { وَإِنّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } أي إني أجرّب هذا الرجل بإرسال رسلي إليه بهدية مشتملة على نفائس الأموال ، فإن كان ملكاً أرضيناه بذلك وكفينا أمره ، وإن كان نبياً لم يرضه ذلك ، لأن غاية مطلبه ومنتهى أربه هو الدعاء إلى الدين ، فلا ينجينا منه إلاّ إجابته ومتابعته والتدين بدينه وسلوك طريقته ؛ ولهذا قالت : { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون } الفاء للعطف على مرسلة ، و { بم } متعلق ب { يرجع } ، والمعنى : إني ناظرة فيما يرجع به رسلي المرسلون بالهدية من قبول أو ردّ فعاملة بما يقتضيه ذلك ، وقد طوّل المفسرون في ذكر هذه الهدية ، وسيأتي في آخر البحث بيان ما هو أقرب ما قيل إلى الصواب والصحة .

/خ40