{ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي : جعلناه قرآنا عربيا ، واضح الألفاظ ، سهل المعاني ، خصوصا على العرب . { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي : ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه ، لا في ألفاظه ولا في معانيه ، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته كما قال تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا }
{ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الله تعالى ، حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية ، بهذا القرآن العربي المستقيم ، الذي ضرب اللّه فيه من كل مثل .
وقوله - سبحانه - { قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ . . . } ثناء آخر منه - تعالى - على كتابه الكريم .
والجملة الكريمة حال مؤكدة من قوله قبل ذلك : { هذا القرآن . . . } أى : هذا القرآن قرآنا عربيا لا لبس فيه ولا اختلاف ولا اضطراب ولا تناقض . قال صاحب الكشاف : قوله { قُرْآناً عَرَبِيّاً } حال مؤكدة كقولك : جاءنى زيد رجلا صالحا ، وإنسانا عاقلا . ويجوز أن ينتصب على المدح { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أى : مستقيما بريئا من التناقض والاختلاف .
فإن قلت : فهلا قيل مستقيما ، أو غير معوج ؟ قلت : فيه فائدتان :
إحداهما : نفى أن يكون فيه عوج قط ، كما قال : { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } والثانية : أن لفظ العوج مختص بالمعانى دون الأعيان . . . وقيل : المراد بالعوج : الشك واللبس ، وأنشد :
وقد أتاك غير ذى عوج*** من الإِله وقول غير مكذوب
وقوله : { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } علة أخرى لاشتمال القرآن على الامتثال المتكررة المتنوعة .
أى : كررنا الأمثال النافعة فى هذا القرآن للناس ، كى يتقوا الله - تعالى - ويخشوا عقابه .
وقوله : ( قُرآنا عَرَبِيّا ) : يقول تعالى ذكره : لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كلّ مثل قرآنا عربيا غيرَ ذِي عِوَجٍ يعني : ذي لبس ، كما : حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا رقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( قُرآنا عَرَبيّا غيرَ ذِي عِوَجٍ ) : غير ذي لبس .
ونصب قوله : ( قُرآنا عَرَبيّا ) على الحال من قوله : هذا القرآن ، لأن القرآن معرفة ، وقوله قُرآنا عَرَبِيّا نكرة .
وقوله : ( لَعَلّهُمْ يَتّقُونَ ) : يقول : جعلنا قرآنا عربيا إذ كانوا عربا ، ليفهموا ما فيه من المواعظ ، حتى يتقوا ما حذّرهم الله فيه من بأسه وسطوته ، فينيبوا إلى عبادته وإفراد الألوهة له ، ويتبّرؤوا من الأنداد والاَلهة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.