الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (28)

قوله : { قُرْآناً عَرَبِيّاً } : فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ يكونَ منصوباً على المدح ؛ لأنه لَمَّا كان نكرةً امتنع إتباعُه للقرآن . الثاني : أَنْ ينتصِبَ ب " يتذكَّرون " أي : يتذكَّرون قرآناً . الثالث : أن ينتصبَ على الحال مِن القرآن على أنَّها حالٌ مؤكِّدةٌ ، وتُسَمَّى حالاً موطئة لأنَّ الحالَ في الحقيقةِ " عربياً " و " قرآناً " توطئةٌ له نحو : " جاء زيدٌ رجلاً صالحاً " . قوله : { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } نعتٌ ل " قرآناً " أو حالٌ أخرى . قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : فهلاَّ قيل : مستقيماً أو غيرَ مُعْوَج . قلت : فيه فائدتان ، إحداهما : نفيُ أَنْ يكونَ فيه عِوَجٌ قط كما قال : { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } [ الكهف : 1 ] . والثاني : أنَّ العِوَجَ يختصُّ بالمعاني دونَ الأعيان . وقيل : المرادُ بالعِوَجِ الشكُّ واللَّبْسُ " . وأنشد :

وقد أتاكَ يقينٌ غيرُ ذي عِوَجٍ *** من الإِلهِ وقولٌ غيرُ مَكْذوبِ