نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (28)

لما كان ذلك غاية في الشرف ، دل على زيادة شرفه بحال مؤكدة دالة على شدة عنادهم ، وتسمى موطئه لأن الحال في الحقيقة ما بعدها بقوله : { قرآناً } أي حال كون ذلك المضروب جامعاً لكل ما يحتاج إليه ، ويجوز أن يكون النصب على المدح { عربياً } جارياً على قوانين لسانهم في جمعه باتساعه ووضوحه واحتمال اللفظ الواحد منه لمعان كثيرة ، فكيف إذا انضم إلى غيره فصار كلاماً . ولما كان الشيء قد يكون مستقيماً بالفعل وهو معوج بالقوة ، قال تعالى : { غير ذي عوج } أي ليس بمنسوب إلى شيء من العوج ولا من شأنه العوج ، فلا يصح أن يكون معوجاً أصلاً في شيء من نظمه ولا معناه باختلاف ولا غيره كما في آية الكهف سواء ، وفي الإتيان بعوج الذي هو مختص بالمعاني بيان أن الوصف له حقيقة ، فهو أبلغ من غير معوج ، لأنه يحتمل إرادة أهله على المجاز .

ولما كان التذكر بالتذكير لكونه أبلغ للوعظ حاملاً ، ولا بد للعاقل على الخوف المسبب للنجاة قال : { لعلهم يتقون * } أي ليكون حالهم بعد التذكير الناشىء عن التذكير حال من يرجى له أن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية .