قوله : { قُرْآناً عَرَبِيّاً } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون منصوباً على المدح ؛ لأنه لما كان نكرةً امتنع إتباعه للقرآن .
الثاني : أن ينتصب ب «يتذكرون » أي يتذكرون قرآناً .
الثالث : أن ينتصب على الحال من «القرآن » على أنها حال مؤكدة وتسمى حالاً موطّئة ؛ لأن الحال في الحقيقة «عربياً » و «قُرْآناً » توطئة له ، نحو : جاء زيد رجلاً صالحاً .
وقوله : { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } نعت «لقُرْآناً » ، أو حال أُخْرَى .
قال الزمخشري : فإن قلت : فهلا قيل مستقيماً أو غير مُعْوَجٍّ ؟ قلتُ : فيه فائدتان :
إحداهما : نفي أن يكون فيه عِوَجٌ قط كما قال : { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } [ الكهف : 1 ] .
والثانية : أن العِوَج يختص بالمعاني دون الأعيان وقيل : المراد بالعِوَج الشك واللَّبْس وأنْشَدَ :
وَقَدْ أتَاكَ يقينٌ غَيْرُ ذِي عِوَجٍ*** مِنَ الإلهِ وَقَوْلٌ غَيْرُ مَكْذُوبِ
اعلم أنه تعالى وصف القرآن بصفات ثلاثة :
أولها : كونه قرآناً ، والمراد كونه مَتْلُوَّا في المحاريب إلى قيام الساعة .
وثانيها : كونه عربياً أي أنه أعجز الفصحاءَ والبلغاءَ عن معارضته كما قال : { قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرآن لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } [ الإسراء : 88 ] .
وثالثها : كونه غيرَ ذي عِوجَ ، والمراد براءته من التناقض ، قال ابن عباس : غير مختلف ، وقال مجاهد : غير ذي لَبْس وقال السدي : غير مخلوق ، ويروى ذك عن مالك بن أَنَسٍ ، وحكى سفيان بن عيينة عن سبعين من التابعين أن القرآن ليس بخالقٍ ولا مخلوق .
قوله : { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الكفر والتكذيب به . وتمسك المعتزلة به في تعليل أحكام الله تعالى ، وقوله في الآية الأولى : { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ،
وههنا : «لعلهم يتقون » لأن التذكر يتقدم على الاتّقاء والاحتراز . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.