المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

في هذه السورة تصوير لما يقع من أحداث عند قيام الساعة وبعد قيامها ، وعرض لمظاهر القدرة ، وتأكيد لشأن القرآن الكريم ، ودفع الفرية عنه ، وتنزيه للرسول عن الجنون ، وتهديد للمتمادين في الضلال ، وتوجيه إلى ما في القرآن من عبر ينتفع بها أهل الاستقامة ، ورد أمر الناس لمشيئة رب العالمين .

1- إذا الشمس لُفَّتْ ومُحِي ضوؤها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة التكوير [ وهي ] مكية

{ 1 - 14 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ }

أي : إذا حصلت هذه الأمور الهائلة ، تميز الخلق ، وعلم كل أحد ما قدمه لآخرته ، وما أحضره فيها من خير وشر ، وذلك إذا كان يوم القيامة تكور الشمس أي : تجمع وتلف ، ويخسف القمر ، ويلقيان في النار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة التكوير

مقدمة وتمهيد

1- سورة " التكوير " ، وتسمى –أيضا- بسورة : " إذا الشمس كورت " ، وهي من السور المكية بلا خلاف ، وعدد آياتها : تسع وعشرون آية .

وتعتبر من أوائل السور القرآنية نزولا ، فهي السورة السادسة أو السابعة في ترتيب النزول ، فقد كان نزولها بعد سورة الفاتحة . وقبل سورة " الأعلى " .

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأيُ العين ، فليقرأ " إذا الشمس كورت " . " وإذا السماء انفطرت " " وإذا السماء انشقت " .

2- والمتأمل في هذه السورة الكريمة ، يراها في نصفها الأول ، تسوق أمارات يوم القيامة وعلاماته ، بأسلوب مؤثر يبعث في القلوب الخوف والوجل .

ويراها في نصفها الثاني تؤكد أن هذا القرآن الكريم من عند الله –تعالى- ، وليس من كلام البشر ، وأن جبريل الأمين قد نزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم .

تكرر لفظ " إذا " فى هذه الآيات اثنى عشرة مرة ، وجواب الشرط قوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } . وهذا التكرار بلفظ إذا من مقاصده التشويق للجواب ، لأن السامع عندما يجد هذا الظرف وقد تكرر يكون فى ترقب وشوق لمعرفة الجواب .

وعندما يسمعه يتمكن من نفسه كل التمكن .

ولفظ " الشمس مرفوع على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده ، أى : إذا كورت الشمس كورت ، وأصل التكوير : لف الشئ على جهة الاستدارة ، تقول : كورت العمامة ، إذا لففتها .

قال صاحب الكشاف : فى التكوير وجهان : أحدهما : أن يكون من كورت العمامة إذا لففتها . أى : يلف ضوء الشمس لفا فيذهب انبساطه وانتشاره فى الآفاق ، وهو عبارة عن إزالتها والذهاب بها ، لأنها ما دامت باقية ، كان ضياؤها منبسطا غير ملفوف .

وثانيهما : أن يكون لفها عبارة عن رفعها وسترها ، لأن الثواب إذا أريد رفعه ، لف وطوى ونحوه قوله - تعالى - : { يَوْمَ نَطْوِي السمآء } أى : إذا الشمس أزيل ضوؤها بعد انتشاره وانبساطه ، فأصبحت مظلمة بعد أن كانت مضيئة ، ومستترة بعد أن كانت بارزة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكوير مكية وآياتها تسع وعشرون

هذه السورة ذات مقطعين اثنين تعالج في كل مقطع منهما تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة :

الأولى حقيقة القيامة ، وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل ، يشمل الشمس والنجوم والجبال والبحار ، والأرض والسماء ، والأنعام والوحوش ، كما يشمل بني الإنسان .

والثانية حقيقة الوحي ، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحمله ، وصفة النبي الذي يتلقاه ، ثم شأن القوم المخاطبين بهذا الوحي معه ، ومع المشيئة الكبرى التى فطرتهم ونزلت لهم الوحي .

والإيقاع العام للسورة أشبه بحركة جائحة . تنطلق من عقالها . فتقلب كل شيء ، وتنثر كل شيء ؛ وتهيج الساكن وتروع الآمن ؛ وتذهب بكل مألوف وتبدل كل معهود ؛ وتهز النفس البشرية هزا عنيفا طويلا ، يخلعها من كل ما اعتادت أن تسكن إليه ، وتتشبث به ، فإذا هي في عاصفة الهول المدمر الجارف ريشة لا وزن لها ولا قرار . ولا ملاذ لها ولا ملجأ إلا في حمى الواحد القهار ، الذي له وحده البقاء والدوام ، وعنده وحده القرار والاطمئنان . .

ومن ثم فالسورة بإيقاعها العام وحده تخلع النفس من كل ما تطمئن إليه وتركن ، لتلوذ بكنف الله ، وتأوي إلى حماه ، وتطلب عنده الأمن والطمأنينة والقرار . .

وفي السورة - مع هذا - ثروة ضخمة من المشاهد الرائعة ، سواء في هذا الكون الرائع الذي نراه ، أو في ذلك اليوم الآخر الذي ينقلب فيه الكون بكل ما نعهده فيه من أوضاع . وثروة كذلك من التعبيرات الأنيقة ! المنتقاة لتلوين المشاهد والإيقاعات . وتلتقي هذه وتلك في حيز السورة الضيق ، فتضغط على الحس وتنفذ إليه في قوة وإيحاء .

ولولا أن في التعبير ألفاظا وعبارات لم تعد مألوفة ولا واضحة للقارئ في هذا الزمان ، لآثرت ترك السورة تؤدي بإيقاعها وصورها وظلالها وحقائقها ومشاهدها ، مالا تؤديه أية ترجمة لها في لغة البشر ؛ وتصل بذاتها إلى أوتار القلوب فتهزها من الأعماق .

ولكن لا بد مما ليس منه بد . وقد بعدنا في زماننا هذا عن مألوف لغة القرآن !

1

إن تكوير الشمس قد يعني برودتها ، وانطفاء شعلتها ، وانكماش ألسنتها الملتهبة التي تمتد من جوانبها كلها الآن إلى ألوف الأميال حولها في الفضاء . كما يتبدى هذا من المراصد في وقت الكسوف . واستحالتها من الغازية المنطلقة بتأثير الحرارة الشديدة التي تبلغ 12000 درجة ، والتي تحول جميع المواد التي تتكون منها الشمس إلى غازات منطلقة ملتهبة . . استحالتها من هذه الحالة إلى حالة تجمد كقشرة الأرض ، وتكور لا ألسنة له ولا امتداد !

قد يكون هذا ، وقد يكون غيره . . أما كيف يقع والعوامل التي تسبب وقوعه فعلم ذلك عند الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة التكوير

وهي مكية .

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا عبد الله بن بحير القاص : أن عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني أخبره : أنه سمع ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سَرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأيُ عين فليقرأ : " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ " ، و " وإذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ " ، و " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ " .

وهكذا رواه الترمذي ، عن العباس بن عبد العظيم العنبري ، عن عبد الرزاق ، به{[1]} .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } يعني : أظلمت . وقال العوفي ، عنه : ذهبت ، وقال مجاهد : اضمحَلّت وذَهَبت . وكذا قال الضحاك .

وقال قتادة : ذهب ضوءها . وقال سعيد بن جبير : { كُوِّرَتْ } غُوّرت .

وقال الربيع بن خُثَيم : { كُوِّرَتْ } يعني : رمى بها .

وقال أبو صالح : { كُوِّرَتْ } ألقيت . وعنه أيضا : نكست . وقال زيد بن أسلم : تقع في الأرض .

قال ابن جرير : والصواب من القول عندنا في ذلك أن التكوير جَمعُ الشيء بعضه إلى{[29732]} بعض ، ومنه تكوير العمامة [ وهو لفها على الرأس ، وكتكوير الكاره ، وهي ]{[29733]} جمع الثياب بعضها إلى{[29734]} بعض ، فمعنى قوله : { كُوَّرَتْ } جمع بعضها إلى بعض ، ثم لفت فرمى بها ، وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوءها{[29735]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا أبو أسامة ، عن مجالد ، عن شيخ من بَجِيلة ، عن ابن عباس : { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال : يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ، ويبعث الله ريحا دبورًا فتضرمها نارا . وكذا قال عامر الشعبي . ثم قال ابن أبي حاتم :

حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن ابن يزيد بن أبي مريم ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قول الله : { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال : " كورت في جهنم " {[29736]} .

وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده : حدثنا موسى بن محمد بن حَيَّان ، حدثنا دُرُسْتُ بن زياد ، حدثنا يزيد الرقاشي ، حدثنا أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشمس والقمر ثوران{[29737]} عقيران في النار " {[29738]} .

هذا حديث ضعيف ؛ لأن يزيد الرقاشي ضعيف ، والذي رواه البخاري في الصحيح بدون هذه الزيادة ، ثم قال البخاري :

حدثنا مُسَدَّد ، حدثنا عبد العزيز بن المختار ، حدثنا عبد الله الداناجُ ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " الشمس والقمر يكوران يوم القيامة " {[29739]} .

انفرد به البخاري وهذا لفظه ، وإنما أخرجه في كتاب " بدء الخلق " ، وكان جديرًا أن يذكره هاهنا أو يكرره ، كما هي عادته في أمثاله ! وقد رواه البزار فَجَوّد إيراده فقال :

حدثنا إبراهيم بن زياد البغدادي ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا عبد العزيز بن المختار ، عن عبد الله الداناج قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن خالد بن عبد الله القسري في هذا المسجد - مسجد الكوفة ، وجاء الحسن فجلس إليه فَحدّث قال : حدثنا أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشمس والقمر نوران في النار يوم القيامة " . فقال الحسن : وما ذنبهما ؟ فقال : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : أحسبه قال : وما ذنبهما .

ثم قال : لا يروى عن أبي هُرَيرة إلا من هذا الوجه ، ولم يرو عبد الله الداناج عن أبي سلمة سوى هذا الحديث .


[1]:زيادة من أ.
[29732]:- (2) في م: "على".
[29733]:- (3) زيادة من تفسير الطبري.
[29734]:- (4) في م: "على".
[29735]:- (5) تفسير الطبري (30/41).
[29736]:- (1) ورواه الديلمي في مسنده، كما في الدر المنثور للسيوطي (8/426).
[29737]:- (2) في م، أ، هـ: "نوران"، والصواب بالثاء.
[29738]:- (3) مسند أبي يعلى (7/148)، ورواه ابن حبان في المجروحين (1/293) من طريق درست بن زياد به، وقال في درست بن زياد: "كان منكر الحديث جدا، لا يحل الاحتجاج بخبره. وروى عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك، فذكر هذا الحديث".
[29739]:- (4) صحيح البخاري برقم (3200).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكوير مكية وآيها تسع وعشرون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم إذا الشمس كورت لفت من كورت العمامة إذا لففتها بمعنى رفعت لأن الثوب إذا أريد رفعه لف أو لف ضوؤها فذهب انبساطه في الآفاق وزال أثره وألقيت عن فلكها من طعنه فكوره إذا ألقاه مجتمعا والتركيب للإرادة والجمع وارتفاع الشمس بفعل يفسره ما بعدها أولى لأن إذا الشرطية تطلب الفعل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية بإجماع من المتأولين{[1]} .

هذه كلها أوصاف يوم القيامة ، و «تكوير الشمس » : هو أن تدار ويذهب بها إلى حيث شاء الله كما يدار كور العمامة{[11641]} ، وعبر المفسرون عن ذلك بعبارات ، فمنهم من قال : ذهب نورها قاله قتادة ، ومنهم من قال : رمي بها ، قاله الربيع بن خيثم وغير ذلك مما هو أشياء توابع لتكويرها .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11641]:الكور: الزيادة يعني: كما تدار الزيادة التي في طرف العمامة على الرأس، وقيل: كل دارة من العمامة كور، وكل دور كور، وتكوير العمامة كورها.