المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا} (27)

26 - هو عالم الغيب ، فلا يطلع على غيبه أحداً من خلقه ، إلا رسولاً ارتضاه لعلم بعض الغيب ، فإنه يدخل من بين يدي الرسول ومن خلفه حفظة من الملائكة تحول بينه وبين الوساوس .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا} (27)

{ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } أي : فإنه يخبره بما اقتضت حكمته أن يخبره به ، وذلك لأن الرسل ليسوا كغيرهم ، فإن الله أيدهم بتأييد ما أيده أحدا من الخلق ، وحفظ ما أوحاه إليهم حتى يبلغوه على حقيقته ، من غير أن تتخبطهم الشياطين ، ولا{[1253]}  يزيدوا فيه أو ينقصوا ، ولهذا قال : { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } أي : يحفظونه بأمر الله ؛


[1253]:- في ب: من غير أن تقر به الشياطين فلا.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا} (27)

وقوله : { إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } استثناء من النفى فى قوله : { فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً } .

أى : هو - سبحانه - عالم الغيب ، فلا يطلع على غيبه أحدا من خلقه ، إلا الرسول الذى ارتضاه واختاره من خلقه ، فإنه - سبحانه - قد يطلعه على بعض غيوبه ، ليكون ذلك معجزة له ، دالة على صدقه أمام قومه .

فإذا ما أراد - سبحانه - إطلاع رسوله المصطفى لحمل رسالته على بعض غيوبه ، سخر له من جميع جوانبه حرسا من الملائكة يحرسونه من وسوسة الشيطان ونوازعه ، ومن كل ما يتعارض مع توصيل وحيه - سبحانه - إلى رسله - بكل أمانة وصيانة .

ومعنى { إِلاَّ مَنِ ارتضى . . . } من اختار واصطفى واجتنبى ، وعبر عن ذلك بقوله { مَنِ ارتضى } للإِشعار بأنه - سبحانه - يخص هؤلاء الذين رضى عنهم ورضوا عنه بالاطلاع على بعض غيوبه ، على سبيل التأييد والتكريم لهم .

و " من " فى قوله { مِن رَّسُولٍ } للبيان . والمراد بالرسول هنا : ما يشمل كل رسول اختاره - سبحانه - لحمل رسالته ، سواء أكان من البشر أم من الملائكة .

والضمير فى قوله - تعالى - { فَإِنَّهُ } و { يَسْلُكُ } يعودان على الله - عز وجل - وأطلق السلك على إيصال الخبر إلى الرسول المرتضى ، للإِشعار بأن هذا الخبر الذى أطلع الله - تعالى - رسوله عليه ، قد وصل إليه وصولا مؤكدا ، ومحفوظا من كل تحريف ، كما يدخل الشئ فى الشئ دخولا تاما بقوة وضبط ، إذ حقيقة السلك . إدخال الشئ فى الشئ بشدة وعناية . .

والمراد بقوله : { مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } جميع الجهات ، وعبر عن جميع الجهات بذلك ، لأن معظم ما يتعرض له الإِنسان يكون من هاتين الجهتين .

والرصد : جمع راصد ، وهو ما يحفظ الشئ ، ويصونه من كل ما لا يريده ، أى : إلا من ارتضى - سبحانه - من رسول ، فإنه - عز وجل - يطلعه على ما يشاؤه من غيوبه ، ويجعل له حراسا من جميع جوانبه ، يحفظونه من كل سوء .

قال الآلوسى : قوله : { إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ . . } أى : لكن الرسول المرتضى بظهره - جل وعلا - على بعض الغيوب المتعلقة برسالته . . إما لكون بعض هذه الغيوب من مباديها ، بأن يكون معجزة ، وإما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية ، وكيفيات الأعمال وأجزيتها ، ونحو ذلك من الأمور الغيبية ، التى بيانها من وظائف الرسالة ، بأن يسلك من جميع جوانبه عند إطلاعه على ذلك ، حرسا من الملائكة يحرسونه من تعرض الشياطين ، لما أريد إطلاعه عليه . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا} (27)

هناك فقط استثناء واحد . . وهو ما يأذن به الله من الغيب ، فيطلع عليه رسله ، في حدود ما يعاونهم على تبليغ دعوته إلى الناس . فما كان ما يوحي به إليهم إلا غيبا من غيبه ، يكشفه لهم في حينه ويكشفه لهم بقدر ، ويرعاهم وهم يبلغونه ، ويراقبهم كذلك . . ويؤمر الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] أن يعلن هذا في صورة جادة رهيبة :

( إلا من ارتضى من رسول ، فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ، ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ، وأحاط بما لديهم ، وأحصى كل شيء عددا ) . .

فالرسل الذين يرتضيهم الله لتبليغ دعوته ، يطلعهم على جانب من غيبه ، هو هذا الوحي : موضوعه ، وطريقته ، والملائكة الذين يحملونه ، ومصدره ، وحفظه في اللوح المحفوظ . . إلى آخر ما يتعلق بموضوع رسالتهم مما كان في ضمير الغيب لا يعلمه أحد منهم .

وفي الوقت ذاته يحيط هؤلاء الرسل بالأرصاد والحراس من الحفظة ، للحفظ والرقابة . يحمونهم من وسوسة الشيطان ونزغه ، ومن وسوسة النفس وتمنيتها ، ومن الضعف البشري في أمر الرسالة ، ومن النسيان أو الانحراف . ومن سائر ما يعترض البشر من النقص و الضعف . .

والتعبير الرهيب - ( فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) . . يصور الرقابة الدائمة الكاملة للرسول ، وهو يؤدي هذا الأمر العظيم . .

/خ28

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا} (27)

وقوله : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } هذه كقوله تعالى : { وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ } [ البقرة : 255 ] وهكذا قال هاهنا : إنه يعلم الغيب والشهادة ، وإنه لا يطلع أحد من خلقه على شيء من علمه إلا مما أطلعه تعالى عليه ؛ ولهذا قال :

{ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } وهذا يعم الرسول الملكي والبشري .

ثم قال : { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } أي : يختصه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه من أمر الله ، ويساوقونه على ما معه من وحي الله ؛ ولهذا قال : { لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا }

وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله : { لِيَعْلَمَ } إلى من يعود ؟ فقيل : إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي{[29395]} عن جعفر ، عن سعيد بن جبير في قوله : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } قال : أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل ،

{ لِيَعْلَمَ } محمد صلى الله عليه وسلم { أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا }

ورواه ابن أبي حاتم من حديث يعقوب القمي{[29396]} به . وهكذا رواه الضحاك ، والسدي ، ويزيد بن أبي حبيب .

وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر عن قتادة : { لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ } قال : ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله ، وأن الملائكة حفظتها ودفعت عنها . وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة . واختاره ابن جرير .

وقيل غير ذلك ، كما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله : { إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } قال : هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي من الشيطان ، حتى يتبين الذي أرسل به إليهم ، وذلك حين يقول ، ليعلم أهل الشرك أن قد أبلغوا رسالات ربهم .

وكذا قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ } قال : ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم . وفي هذا نظر .

وقال البغوي : قرأ يعقوب : " ليُعلَم " بالضم ، أي : ليعلم الناس أن الرسل بُلّغوا .

ويحتمل أن يكون الضمير عائدًا إلى الله عز وجل ، وهو قول حكاه ابن الجوزي في " زاد المسير " {[29397]} ويكون المعنى في ذلك : أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته ، ويحفظ ما بُيِّن إليهم من الوحي ؛ ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ، ويكون ذلك كقوله : { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } [ البقرة : 143 ] وكقوله : { وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } [ العنكبوت : 11 ] إلى أمثال ذلك ، مع العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعا لا محالة ؛ ولهذا قال بعد هذا : { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } .


[29395]:- (2) في أ : "العمي".
[29396]:- (3) في أ : "العمي".
[29397]:- (1) زاد المسير (8/386).

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا} (27)

إلا من ارتضى لعلم بعضه حتى يكون له معجزة من رسول بيان ل من واستدل به على إبطال الكرامات وجوابه تخصيص الرسول بالملك والإظهار بما يكون بغير وسط وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقيا عن الملائكة كاطلاعنا على أحوال الآخرة بتوسط الأنبياء فإنه يسلك من بين يديه من بين يدي المرتضى ومن خلفه رصدا حرسا من الملائكة يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم .