المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

15- وجعل المشركون لله - سبحانه - بعض خلقه ولداً ظنوه جزءاً منه ، إن الإنسان بعمله هذا لمبالغ في كفره ، واضح في جحوده .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

{ 15 -25 } { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ }

يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين ، الذين جعلوا للّه تعالى ولدا ، وهو الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له كفوا أحد ، وإن ذلك باطل من عدة أوجه :

منها : أن الخلق كلهم عباده ، والعبودية تنافي الولادة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

ثم حكى - سبحانه - ما افتراه المشركون على خالقهم ورازقهم من أكاذيب ورد عليها بما يزهق باطلهم ، فقال - تعالى - : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا . . . كَانَ عَاقِبَةُ المكذبين } .

والمراد بالجعل فى قوله - تعالى - : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا . . . } الاعتقاد الباطل ، والحكم الفاسد . والمراد بالجزء الولد . والمقصود به خصوص البنات ، كما يدل عليه سياق الآيات .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا . . . } متصل بقوله - تعالى - قبل ذلك : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض . . . } والمراد بيان تناقضهم فى أنفسهم . . حيث اعترفوا بأنه - تعالى - خالق السماوات والأرض ، ثم وصفوه بصفات المخلوقين .

وعبر عن الولد بالجزء ، لأنه بضعة - وفرع - من والده ، كما قيل : أولادنا أكبادنا . . وقيل الجزء : اسم للإِناث ، يقال : أجرأت المرأة إذا ولدة أنثى . .

أى : أن هؤلاء المشركين بلغ من تناقضهم فى أقوالهم وأفعالهم ، أنهم إذا سألهم سائل عن خالق هذا الكون قالوا : الله . ومع ذلك فهم لجهالتهم اعتقدوا اعتقادا باطلا بأن الملائكة بناته ، مع أن الملائكة من مخلوقاته التى يشملها هذا الكون .

فالمقصود من الآية الكريمة تجهيل هؤلاء المشركين ، وتعجيب كل عاقل من شفاهتهم .

والظاهر أن المراد بالإِنسان فى قوله - تعالى - : { إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } الكافر والفاسق من بنى آدم ، لأن الإِنسان المؤمن لا يجحد نعم الله ، وإنما يشكره - تعالى - عليها .

أى : إن الإِنسان الكافر والفساق عن أمر ربه ، لشديد الجحود لنعم ربه ، مظهرا ذلك فى أقواله وفى أفعاله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

بعد ذلك يعالج أسطورة الملائكة واتخاذهم آلهة بزعم أنهم بنات الله ، وهم عباد الله :

وجعلوا له من عباده جزءاً . إن الإنسان لكفور مبين . أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ? وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم . أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ? وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ? ستكتب شهادتهم ويسألون . وقالوا : لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم ، إن هم إلا يخرصون . أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون ? بل قالوا : إنا وجدنا آباءنا على أمة ، وإنا على آثارهم مهتدون . وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون . قال : أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ? قالوا : إنا بما أرسلتم به كافرون . فانتقمنا منهم ، فانظر كيف كان عاقبة المكذبين . .

إن هذا القرآن يحاصر هذه الأسطورة ويواجهها في نفوسهم من كل جانب ، ولا يبقي ثغرة مفتوحة حتى يأخذها عليهم ، ويواجههم في هذا كله بمنطقهم ومسلماتهم وواقع حياتهم ، كما يواجههم بمصير الذين وقفوا مثل وقفتهم ، وقالوا مثل قولتهم من الغابرين .

ويبدأ بتصوير سخف هذه الأسطورة وتهافتها ، ومقدار ما في القول بها من كفر صريح :

( وجعلوا له من عباده جزءاً ، إن الإنسان لكفور مبين ) . .

فالملائكة عباد الله ، ونسبة بنوتهم له معناها عزلهم من صفة العبودية ، وتخصيصهم بقرابة خاصة بالله ؛ وهم عباد كسائر العباد ، لا مقتضى لتخصيصهم بصفة غير صفة العبودية في علاقتهم بربهم وخالقهم . وكل خلق الله عباد له خالصو العبودية . وادعاء الإنسان هذا الادعاء يدمغه بالكفر الذي لا شبهة فيه : ( إن الإنسان لكفور مبين ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنّ الإنسَانَ لَكَفُورٌ مّبِينٌ * أَمِ اتّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرّحْمََنِ مَثَلاً ظَلّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : وجعل هؤلاء المشركون لله من خلقه نصيبا ، وذلك قولهم للملائكة : هم بنات الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءا قال : ولدا وبنات من الملائكة .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءا قال : البنات .

وقال آخرون : عنى بالجزء هاهنا : العدل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءا : أي عِدلاً .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءا : أي عِدلاً .

وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك ، لأن الله جلّ ثناؤه أتبع ذلك قوله : أمِ اتّخَذَ مِما يخْلُقُ بَناتٍ وأصْفاكُمْ بالبَنِينَ توبيخا لهم على قولهم ذلك ، فكان معلوما أن توبيخه إياهم بذلك إنما هو عما أخبر عنهم من قيلهم ما قالوا في إضافة البنات إلى الله جلّ ثناؤه .

وقوله : إنّ الإنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ يقول تعالى ذكره : إن الإنسان لذو جحد لنِعم ربه التي أنعمها عليه مبين : يقول : يبين كفرانه نعمه عليه ، لمن تأمله بفكر قلبه ، وتدبر حاله .