المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

41- إن الله هو الذي يمنع اختلال نظام السماوات والأرض ، ويحفظهما بقدرته من الزوال ، ولئن قدِّر لهما الزوال ما استطاع أحد أن يحفظهما بعد الله . إنه كان حليماً لا يُعجل بعقوبة المخالفين غفوراً لذنوب الراجعين إليه{[189]} .


[189]:تقرر هذه الآية الكريمة أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ وحده ـ خالق السماوات والأرض، يمسكهما من الزوال، فالأجرام السماوية القريبة والبعيدة منا تظهر على القبة السماوية متماسكة وطبقا لنظام بديع خلقه الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهو ما أودعه إياها من جاذبية فلا تحيد عنه على مر الزمن والأجيال، ويحفظها من الاختلال في التوازن، ولله ـ سبحانه وتعالى ـ هذه القدرة وليست لأحد سواه.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

{ 41 } { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }

يخبر تعالى عن كمال قدرته ، وتمام رحمته ، وسعة حلمه ومغفرته ، وأنه تعالى يمسك السماوات والأرض عن الزوال ، فإنهما لو زالتا ما أمسكهما أحد من الخلق ، ولعجزت قدرهم وقواهم عنهما .

ولكنه تعالى ، قضى أن يكونا كما وجدا ، ليحصل للخلق القرار ، والنفع ، والاعتبار ، وليعلموا من عظيم سلطانه وقوة قدرته ، ما به تمتلئ قلوبهم له إجلالا وتعظيما ، ومحبة وتكريما ، وليعلموا كمال حلمه ومغفرته ، بإمهال المذنبين ، وعدم معالجته للعاصين ، مع أنه لو أمر السماء لحصبتهم ، ولو أذن للأرض لابتلعتهم ، ولكن وسعتهم مغفرته ، وحلمه ، وكرمه { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

وبعد أن بين - سبحانه - ما عليه المعبودات الباطلة من عجز وضعف ، أتبع ذلك ببيان جانب من عظيم قدرته ، وعميم فضله فقال : { إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } .

أى : إن الله - تعالى - بقدرته وحدها ، يمسك السماوات والأرض كراهة أن نزولاً ، أو يمنعهما ويحفظهما من الزال أو الاضمحلال أو الاضطراب ، ولئن زالتا - على سبل الفرض والتقدير - فلن يستطيع أحد أن يمسكها ويمنعها عن هذا الزوال سوى الله - تعالى - { إِنَّهُ } - سبحانه - { كَانَ } وما زال { حَلِيماً } بعباده { غَفُوراً } لمن تاب إليه وأناب ، كما قال - تعالى - : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى } قال الآلوسى : قوله : { وَلَئِن زَالَتَآ } أى : إن أشرفتا على الزوال على سبيل الفرض والتقدير ، { إِنْ أَمْسَكَهُمَا } أى : ما أمسكهما { مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } أى : من بعد إمساكه - تعالى - أو من بعد الزوال ، والجملة جواب القسم المقدر قبل لام التوطئة فى { لَئِن } . وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه . . و { مِّن } الأولى مزيدة لتأكيد العموم . والثانية للابتداء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

39

والجولة الثالثة - بعد نفي أن يكون للشركاء ذكر ولا خبر في السماوات ولا في الأرض - تكشف عن يد الله القوية الجبارة تمسك بالسماوات والأرض وتحفظهما وتدبر أمرهما بلا شريك :

( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده . إنه كان حليماً غفوراً ) . .

ونظرة إلى السماوات والأرض ؛ وإلى هذه الأجرام التي لا تحصى منتثرة في ذلك الفضاء الذي لا تعلم له حدود . وكلها قائمة في مواضعها ، تدور في أفلاكها محافظة على مداراتها ، لا تختل ، ولا تخرج عنها ، ولا تبطىء أو تسرع في دورتها ، وكلها لا تقوم على عمد ، ولا تشد بأمراس ، ولا تستند على شيء من هنا أو من هناك . . نظرة إلى تلك الخلائق الهائلة العجيبة جديرة بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية القاهرة القادرة التي تمسك بهذه الخلائق وتحفظها أن تزول .

ولئن زالت السماوات والأرض عن مواضعها ، واختلت وتناثرت بدداً ، فما أحد بقادر على أن يمسكها بعد ذلك أبداً . وذلك هو الموعد الذي ضربه القرآن كثيراً لنهاية هذا العالم . حين يختل نظام الأفلاك وتضطرب وتتحطم وتتناثر ؛ ويذهب كل شيء في هذا الفضاء لا يمسك أحد زمامه .

وهذا هو الموعد المضروب للحساب والجزاء على ما كان في الحياة الدنيا . والانتهاء إلى العالم الآخر ، الذي يختلف في طبيعته عن عالم الأرض اختلافاً كاملاً .

ومن ثم يعقب على إمساك السماوات والأرض أن تزولا بقوله :

( إنه كان حليماً غفوراً ) . .

( حليماً )يمهل الناس ، ولا ينهي هذا العالم بهم ، ولا يأخذ بنواصيهم إلى الحساب والجزاء إلا في الأجل المعلوم . ويدع لهم الفرصة للتوبة والعمل والاستعداد . ( غفوراً )لا يؤاخذ الناس بكل ما اجترموا ، بل يتجاوز عن كثير من سيئاتهم ويغفرها متى علم فيهم خيراً . وهو تعقيب موح ينبه الغافلين لاقتناص الفرصة قبل أن تذهب فلا تعود .