المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (100)

100- والمؤمنون - الذين سبقوا إلى الإسلام - من المهاجرين والأنصار ، الذين ساروا على نهجهم فأحسنوا ولم يقصروا - يرضى اللَّه عنهم ، فيقبل منهم ويجزيهم خيرا ، وهم كذلك يرضون ويستبشرون بما أعد اللَّه لهم من جنات تجرى الأنهار تحت أشجارها ، فينعمون فيها نعيما أبديا ، وذلك هو الفوز العظيم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (100)

{ 100 ْ } { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ْ }

السابقون هم الذين سبقوا هذة الأمة وبدروها إلى الإيمان والهجرة والجهاد ، وإقامة دين اللّه .

{ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ } { الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا ، وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصادقون }

و  من { الْأَنْصَارِ } ( الذين تبوأوا الدار والإيمان ، [ من قبلهم ] يحبون من هاجر إليهم ، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )

{ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ } بالاعتقادات والأقوال والأعمال ، فهؤلاء ، هم الذين سلموا من الذم ، وحصل لهم نهاية المدح ، وأفضل الكرامات من اللّه .

{ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ } ورضاه تعالى أكبر من نعيم الجنة ، { وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ } الجارية التي تساق إلى سَقْيِ الجنان ، والحدائق الزاهية الزاهرة ، والرياض الناضرة .

{ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } لا يبغون عنها حولا ، ولا يطلبون منها بدلا ، لأنهم مهما تمنوه ، أدركوه ، ومهما أرادوه ، وجدوه .

{ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } الذي حصل لهم فيه ، كل محبوب للنفوس ، ولذة للأرواح ، ونعيم للقلوب ، وشهوة للأبدان ، واندفع عنهم كل محذور .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (100)

وبعد هذا التقسيم للأعراب ، انتقلت السورة للحديث عن المؤمنين الصادقين الذين وقفوا إلى جانب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وأطاعوه في السر والعلن ، فقال تعالى : { والسابقون الأولون . . . } .

فهذه الآية الكريمة قد مدحت ثلاث طوائف من المسلمين المعاصرين للعهد النبوى .

الطائفة الأولى { والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين } وهم الذين تركوا ديارهم وأموالهم بمكة ، وهاجروا إلى الحبشة ، ثم الى المدينة من أجل إعلاء كلمة الله واستمروا في المدينة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن تم الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا .

وقيل المراد بهم : الذين صلوا إلى القبلتين ، وقيل : الذين شهدوا غزوة بدر .

والطائفة الثانية : السابقون الأولون من الأنصار ، وهم الذين بايعوا النبى - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يهاجر اليهم إلى المدينة بيعة العقبة الأولى والثانية .

وكانت بيعة العقبة الأولى في السنة الحادية عشرة من البعثة ، وكان عدد المشتركين فيها سبعة أفراد .

أما بيعة العقبة الثانية فكانت في السنة الثانية عشرة من البعثة ، وكان عدد المشتركين فيها سبعين رجلا وامرأتين .

ثم يلي هؤلاء أولئك المؤمنون من أهل المدينة الذين دخلوا في الإِسلام على يد مصعب بن عمير ، قبل وصول الرسول - صلى الله عليه وسلم - اليها .

ثم يلى هؤلاء جميعا أولئك الذين آمنوا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - بعد مقدمه إلى المدينة .

والطائفة الثالثة : { والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ } أى : الذين اتبعوا السابقين في الإسلام من المهاجرين والأنصار ، اتباعا حسنا في أقوالهم وأعمالهم وجهادهم ونصرتهم لدعوة الحق .

قال الآلوسى ما ملخصه : وكثير من الناس ذهب إلى أن المراد بالسابقين الأولين : جميع المهاجرين والأنصار . ومعنى كونهم سابقين : أنهم أولون بالنسبة إلى سائر المسلمين .

روى عن حميد بن زياد قال : قلت يوما لمحمد بن كعب القرظى ، ألا تخبرنى عن الصحابة فيما كان بينهم من الفتن ؟ فقال لي : إن الله - تعالى - قد غفر لجميعهم ، وأوجب لهم الجنة في كتابه ، محسنهم ومسيئهم ، فقلت له : وفى أي موضع أوجب لهم الجنة ، فقال : سبحانه ! ! ألم تقرأ قوله . تعالى - : { والسابقون الأولون . . . } الآية فقد أوجب . سبحانه لجميع الصحابة الجنة وشرط على تبايعهم أن يقتدروا بهم في أعمالهم الحسنة وألا يقولوا فيهم إلا حسنا لا سوءاً .

وقوله : { رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } بيان لسمو منزلتهم ، وارتفاع مكانتهم .

أى : رضي الله عنهم في إيمانهم وإخلاصهم ، فتقبل أعمالهم ، ورفع درجاتهم وتجاوز عن زلاتهم ، ورضوا عنه ، بما أسبغه عليهم من نعم جليلة ، وبما ناله منه سبحانه من هداية وثواب .

ثم ختم سبحانه الآية الكريمة ببيان ما هيأه لهم في الآخرة من إكرام فقال : { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذلك الفوز العظيم } .

أى : أنه - سبحانه - بجانب رضاه عنهم ورضاهم عنه في الدنيا ، قد أعد لهم - سبحانه - في الآخرة جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار خالدين فيها خلودا أبديا وذلك الرضا والخلود في الجنات من الفوز العظيم الذي لا يقاربه فوز ، ولا تدانيه سعادة .

قال الإِمام ابن كثير : أخبر الله - تعالى - في هذه الآية " أنه قد رضى عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان . فياويل من أبغضهم ، أو سبهم ، أو أبغض أو سب بعضهم ، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول ، وخيرهم وأفضلهم أعنى الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبى قحافة ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ، ويبغضونهم ويسبونهم ، عياذا بالله من ذلك ، وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الايمان بالقرآن إذ يسبون من رضى الله عنهم ؟

وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضى الله عنه ، ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالى الله ، ويعادون من يعادى الله ، وهم متبعون لا مبتدعون ، وهؤلاء هم حزب الله المفلحون ، وعباده المؤمنون .

وبهذا نرى أن هذه الآية الكريمة قد مدحت السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان ، وذلك لقوة إيمانهم ، وصفاء نفوسهم وإيثارهم ما عند الله على هذه الدنيا وما فيها . .