قوله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ } : فيه وجهان ، أظهرهما : أنه مبتدأ ، وفي خبره ثلاثة أوجه ، أحدُهما وهو الظاهر أنه الجملة الدعائية من قوله : " رضي الله عنهم " . والثاني : أن الخبر قوله : " الأوَّلون " والمعنى : والسابقون أي بالهجرة [ هم ] الأوَّلون مِنْ أهل هذه المِلَّة ، أو السابقون إلى الجنة الأولون من أهل الهجرة . الثالث : أن الخبرَ قولُه : { مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ } والمعنى فيه الإِعلام بأن السَّابقين من هذه/ الأمة من المهاجرين والأنصار ، ذكر ذلك أبو البقاء ، وفي الوجهين الأخيرين تكلُّفٌ .
الثاني من وجهي " السابقين " : أن يكون نَسَقاً على { مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ } أي : ومنهم السابقون . وفيه بُعْدٌ .
والجمهورُ على جَرِّ " الأنصار " نسقاً على المهاجرين . يعني أن السابقين من هذين الجنسين . وقرأ جماعة كثيرة أَجِلاَّء : عمر بن الخطاب وقتادة والحسن وسلام وسعيد بن أبي سعيد وعيسى الكوفي وطلحة ويعقوب : " والأنصارُ " برفعها . وفيه وجهان أحدهما : أنه مبتدأ ، وخبرُه " رضيَ الله عنهم " . والثاني : عطف على " السابقون " . وقد تقدم ما فيه فيُحكم عليه بحكمه .
قوله : { بِإِحْسَانٍ } متعلقٌ بمحذوف ؛ لأنه حالٌ من فاعل " اتَّبعوهم " . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن الواوَ ساقطةٌ من قوله : " والذين اتبعوهم " ويقول : إن الموصول صفةٌ لمن قبله ، حتى قال له زيد بن ثابت إنها بالواو فقال : ائتوني بأُبَيّ . فأتَوه به فقال له : تصديق ذلك في كتاب الله في أول الجمعة : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } [ الآية : 3 ] ، وأوسط الحشر : { وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } [ الآية : 10 ] ، وآخر الأنفال : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ } [ الآية : 75 ] . ورُوِي أنه سمع رجلاً يقرؤها بالواو فقال : مَنْ أقرأك ؟ قال : أُبَيّ . فدعاه فقال : أَقْرَأنيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وإنك لتبيع القَرَظ بالبقيع . قال : صَدَقْتَ وإن شئت قل : شهدنا وغِبْتم ، ونَصَرْنا وخَذَلْتم ، وآوَيْنا وطَرَدْتم . ومن ثَمَّ قال عمر : لقد كنتُ أرانا رُفِعْنا رَفْعةً لا يَبْلُغها أحدٌ بعدنا .
وقرأ ابن كثير : { تجري من تحتها } ب " مِنْ " الجارة ، وهي مرسومةٌ في مصاحف مكة . والباقون " تحتها " بدونها ، ولم تُرْسَمْ في مصاحفهم ، وأكثرُ ما جاء القرآن موافقاً لقراءة ابن كثير هنا : { تجري مِنْ تحتها } في غير موضع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.