{ فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 44 وأملي لهم إن كيدي متين 45 أن تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 46 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 47 فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم 48 لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم 49 فاجتباه ربه فجعله من الصالحين 50 وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون 51 وما هو إلا ذكر للعالمين 52 }
فذرني ومن يكذّب : أي كله إليّ فإني أكفيكه .
سنستدرجهم : يقال : استدرجه إلى كذا ، إذا استنزله إليه درجة حتى يورّطه فيه .
39- فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون .
يأتي أسلوب التهديد والوعيد لهؤلاء المشركين المكذبين .
أي : خلّني وإياه ، وكله إلي لأجازيه بعمله ، وقيل : ذرني ، أي لا تشغل قلبك به ، ودعني وإياه فإني مجازيه ومكافئه ، وهو بمعنى الأوّل ، والعرب تقول مثل هذا القول ، وإن لم يكن هناك أحد يمنعه منه .
الاستدراج في كلام العرب هو الأخذ قليلا قليلا ، و منه : درج الصبيّ ، إذا مشى قليلا قليلا .
وقال سفيان الثوري : الاستدراج هو إسباغ النّعم ، ومنع الشكر .
وقيل : هو أنه كلما جدد ذنبا ، جد الله له نعمة .
وعن عقبة بن مسلم قال : إذا كان العبد على معصية الله ، ثم أعطاه ما يحب ، فليعلم أنه في استدراج .
وعن الحسن البصري قال : كم من مستدرج بحسن الثناء عليه ، ومغرور بستر الله عليه .
وقيل : سنستدرجهم . أي : نمكر بهم من حيث لا يعلمونxii .
وجاء في تفسير البغوي ما يأتي :
فذرني ومن يكذب بهذا الحديث . . .
أي : فدعني والمكذبين بالقرآن ، وخلّ بيني وبينهم .
قال الزجاج : لا تشغل قلبك بهم ، كلهم إليّ فإني أكفيكهم ، ومثله : ذرني ومن خلقت وحيدا . ( المدثر : 11 ) .
ومعناه في اللغة : لا تشغل قلبك به ، وكله إليّ فإني أجازيه ، ومثله قول الرجل : ذرني وإياه ، ليس أنه منعه منه ، ولكن تأويله : كله إلي فإني أكفيك أمرهxiii .
قوله تعالى : " فذرني " أي دعني . " ومن يكذب " " من " مفعول معه أو معطوف على ضمير المتكلم . " بهذا الحديث " يعني القرآن ، قاله السدي . وقيل : يوم القيامة . وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي فأنا أجازيهم وأنتقم منهم . " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " معناه سنأخذهم على غفلة وهم لا يعرفون ، فعذبوا يوم بدر . وقال سفيان الثوري : نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر . وقال الحسن : كم مستدرج بالإحسان إليه ، وكم مفتون بالثناء عليه ، وكم مغرور بالستر عليه . وقال أبو رَوْق : أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار . وقال ابن عباس : سنمكر بهم . وقيل : هو أن نأخذهم قليلا ولا نباغتهم . وفي حديث ( أن رجلا من بني إسرائيل قال يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني - قال - فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر ، إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت ) . والاستدراج : ترك المعاجلة . وأصله النقل من حال إلى حال كالتدرج . ومنه قيل درجة ، وهي منزلة بعد منزلة . واستدرج فلان فلانا ، أي استخرج ما عنده قليلا . ويقال : درجه إلى كذا واستدرجه بمعنى ، أي أدناه منه على التدريج فتدرج هو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.