المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

82- وتجعلون بدل شكر رزقكم أنكم تكذبونه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

وقوله : وَتَجْعَلُونَ رِزقَكمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ يقول : وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب ، وذلك كقول القائل الاَخر : جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ ، بمعنى : جعلت : شكر إحساني ، أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ .

وقد ذُكر عن الهيثم بن عديّ : أن من لغة أزد شنوءة : ما رزق فلان : بمعنى ما شكر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف فيه منهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، قال : ثني عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن عليّ رضي الله عنه وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ قال : شكركم .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عليّ رفعه وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ قال : «شكركم تقولون مُطرنا بنوء كذا وكذا ، وبنجم كذا وكذا » .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكر ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عليّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبون قال : «شُكْرَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ » ، قال : «يَقُولُونَ مُطِرْنا بنَوْءِ كَذا وكَذا » .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، قال : ما مُطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافرا ، يقولون : مُطرنا بنوء كذا وكذَا ، وقرأ ابن عباس وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن عطية ، قال : حدثنا معاذ بن سليمان ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُون ثم قال : ما مُطر الناس ليلة قطّ ، إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون : مُطرنا بنوء كذا وكذا . قال : وقال وتجعلون شكركم أنكم تكذّبون .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، في قوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ يقول : شكركم على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة تقولون : مُطرنا بنوء كذا وكذا قال : فكان ذلك منهم كفرا بما أنعم عليهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، قال : أحسبه أو غيره «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ومطروا يقول : مُطرنا ببعض عثانين الأسد ، فقال : «كَذَبْتَ بَلْ هُوَ رِزْقُ اللّهِ » .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ اللّهَ لَيُصَبّحُ القَوْمَ بالنّعْمَةِ ، أوْ يُمَسّيهِمِ بِها ، فَيُصْبِحُ بِها قَوْمٌ كافِرِينَ يَقُولُونَ : مُطِرْنا بَنْوْءِ كَذَا وكَذا » قال محمد : فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب ، فقال : ونحن قد سمعنا من أبي هريرة ، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يستسقي ، فلما استسقى التفت إلى العباس فقال : يا عباس يا عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كم بقي من نوء الثريا ؟ فقال : العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعا ، قال : فما مضت سابعة حتى مُطروا .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عليّ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ قال : كان يقرأها «وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أنّكُم تُكَذبُونَ » يقول : جعلتم رزق الله بنوء النجم ، وكان رزقهم في أنفسهم بالأنواء أنواء المطر إذا نزل عليهم المطر ، قالوا : رزُقنا بنوء كذا وكذا ، وإذا أمسك عنهم كذّبوا ، فذلك تكذيبهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عطاء الخراساني ، في قوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ قال : كان ناس يمطرون فيقولون : مُطرنا بنوء كذا ، مُطرنا بنوء كذا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَتَجْعَلُونَ رِزقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبونَ قال : قولهم في الأنواء : مُطرنا بنوء كذا ونوء كذا ، يقول : قولوا هو من عند الله وهو رزقه .

حُدثت ، عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ يقول : جعل الله رزقكم في السماء ، وأنتم تجعلونه في الأنواء .

حدثني أبو صالح الصراري ، قال : حدثنا أبو جابر «محمد بن عبد الملك الأزدي » قال : حدثنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم بن أبي أُمامة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «ما مُطِر قَوْمٌ مِنْ لَيْلَةٍ إلاّ أصْبَحَ قَوْمٌ بِها كافِرِينَ ، ثم قال : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذبُون » يقول قائِلٌ مُطِرْنا بنَجْمِ كَذَا وكَذَا .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وتجعلون حظكم منه التكذيب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُم تُكَذّبُونَ أما الحسن فكان يقول : بئسما أخذ قوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب به .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن ، في قوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

وتجعلون رزقكم أي شكر رزقكم أنكم تكذبون أي بمانحه حيث تنسبونه إلى الأنواء وقرئ شكركم أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به وتكذبون أي بقولكم في القرآن أنه سحر وشعر أو في المطر أنه من الأنواء .