ثم واصل كبيرهم حديثه معهم فقال : { ارجعوا } يا إخوتى { إلى أَبِيكُمْ } يعقوب { فَقُولُواْ } له برفق وتلطف .
{ ياأبانا إِنَّ ابنك } بنيامين { سرق } صواع الملك ، ووجد الصواع في رحله وقولا له أيضاً : إننا { وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا } أى : وما شهدنا على أخينا بهذه الشهادة إلا على حسب علمنا ويقيننا بأنه سرق .
{ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } أى : وما كنا نعلم الغيب بأنه سيسرق صواع الملك ، عندما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا بأن نأتيك به معنا إلا أن يحاط بنا .
{ ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق } على ما شاهدناه من ظاهر الأمر . وقرئ { سرق } أي نسب إلى السرقة . { وما شهدنا } عليه . { إلا بما علمنا } بأن رأينا أن الصواع استخرج من وعائه . { وما كنا للغيب } لباطن الحال . { حافظين } فلا ندري أنه سرق الصواع في رحله ، أو وما كنا للعواقب عالمين فلم ندر حين أعطيناك الموثق أنه سيسرق ، أو أنك تصاب به كما أصبت بيوسف .
ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ( 81 ) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ( 82 ) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ( 83 )
الأمر بالرجوع قيل : هو من قول كبيرهم ، وقيل : بل هو من قول يوسف لهم ، والأول أظهر .
وقرأ الجمهور «سرقَ » على تحقيق السرقة على بنيامين ، بحسب ظاهر الأمر . وقرأ ابن عباس وأبو رزين «سُرِّق » بضم السين وكسر الراء وتشديدها{[6779]} ، وكأن هذه القراءة فيها لهم تحر ، ولم يقطعوا عليه بسرقة ، وإنما أرادوا جعله سارقاً بما ظهر من الحال - ورويت هذه القراءة عن الكسائي - وقرأ الضحاك : «إن ابنك سارقٌ » بالألف وتنوين القاف ، ثم تحروا بعد - على القراءتين - في قولهم { وما شهدنا إلا بما علمنا } أي وقولنا لك : { إن ابنك سرق } إنما هي شهادة عندك بما علمناه من ظاهر ما جرى ، والعلم في الغيب إلى الله ، ليس في ذلك حفظنا ، هذا قول ابن إسحاق ، وقال ابن زيد : قولهم : { ما شهدنا إلا بما علمنا } أرادوا به : وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يسترقّ في شرعك إلا بما علمنا من ذلك ، { وما كنا للغيب حافظين } أن السرقة تخرج من رحل أحدنا ، بل حسبنا أن ذلك لا يكون البتة ، فشهدنا عنده حين سألنا بعلمنا .
وقرأ الحسن «وما شهدنا عليه إلا بما علمنا » بزيادة «عليه » .
ويحتمل قوله : { وما كنا للغيب حافظين } أي حين واثقناك ، إنما قصدنا ألا يقع منا نحن في جهته شيء يكرهه ، ولم نعلم الغيب في أنه سيأتي هو بما يوجب رقه .
وروي أن معنى قولهم : { للغيب } أي الليل ، الغيب : الليل - بلغة حمير - فكأنهم قالوا : وما شهدنا عندك إلا بما علمناه من ظاهر حاله ، وما كنا بالليل حافظين لما يقع من سرقته هو أو التدليس عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.