الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيكُمۡ فَقُولُواْ يَـٰٓأَبَانَآ إِنَّ ٱبۡنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدۡنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمۡنَا وَمَا كُنَّا لِلۡغَيۡبِ حَٰفِظِينَ} (81)

{ ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ } يقوله الآخر في المحتبس بمصر لإخوته { فَقُولُواْ يأَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ } بنيامين { سَرَقَ } الصواع ، وقرأ ابن عباس والضحاك : سُرِّق بضمّ السين وكسر الراء وتشديده على وجه ما لم يُسمِّ فاعله ، يعني أنّه نُسب إلى السرقة مثل : خوّنته وفجّرته [ . . . . ] أي نسبته إلى هذه الخلال .

{ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا } يعني ما كانت منّا شهادة في عمرنا على شيء إلاّ بما علمنا وليست هذه شهادة منّا إنّما هو خبر عن صنيع ابنك بزعمهم ، وقال ابن اسحاق : معناه : وما قلنا : إنّه سرق إلاّ بما علمنا ، قال : وكان الحكم عند الأنبياء يعقوب وبنيه أن يسترقّ السارق بسرقته .

{ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } قال مجاهد وقتادة : ما كنا نعلم أنّ ابنك يسرق ويصير أمرنا إلى هذا ، فلو علمنا ذلك ما ذهبنا به معنا ، وإنّما قلنا ونحفظ أخانا ممّا لنا إلى حفظه منه سبيل ، وقال جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس يعنون : أنّه سرق ليلا وهم نيام والغيب هو الليل بلغة حمير ، وقال ابن عباس : لم نعلم ما كان يعمل في ليله ونهاره ومجيئه وذهابه ، عكرمة { وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } لعلّها دُسّت بالليل في رحله .

وقيل معناه : قد أُخذت السرقه من رحله ونحن ننظر إليه ، ولا علم لنا بالغيب فلعلّهم سَرّقوه ولم يسرق ، وهذا معنى قول أبي اسحاق ، وقال ابن كيسان : لم نعلم أنّك تنصاب كما أُصبت بيوسف ، ولو علمنا ذلك لم [ نأخذ ] فتاك ولم نذهب به .