لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيكُمۡ فَقُولُواْ يَـٰٓأَبَانَآ إِنَّ ٱبۡنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدۡنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمۡنَا وَمَا كُنَّا لِلۡغَيۡبِ حَٰفِظِينَ} (81)

{ ارجعوا إلى أبيكم } يعني يقول الأخ الكبير الذي عز على الإقامة بمصر لإخوته الباقين ارجعوا إلى أبيكم يعقوب { فقولوا } له { يا أبانا إن ابنك سرق } إنما قالوا هذه المقالة ونسبوه إلى السرقة لأنهم شاهدوا الصواع وقد أخرج من متاع بنيامين فغلب على ظنهم أنه سرق فلذلك نسبوه إلى السرقة في ظاهر الأمر لا في حقيقة الحال ويدل على أنهم لم يقطعوا عليه بالسرقة قولهم { وما شهدنا إلا بما علمنا } يعني ولم نقل ذلك إلا بعد أن رأينا إخراج الصواع وقد أخرج من متاعه وقيل معناه ما كانت منا شهادة في عمرنا على شيء إلا بما علمناه وهذه ليست بشهادة إنما هو خبر عن صنيع ابنك أنه سرق بزعمهم فيكون المعنى ان ابنك في زعم الملك وأصحابه لا أنّا نشهد عليه بالسرقة : وقرأ ابن عباس والضحاك : سرق بضم السين وكسر الراء وتشديدها أي نسب إلى السرقة واتهم بها وهذه القراءة لا تحتاج إلى تأويل ومعناها أن القوم نسبوه إلى السرقة إلا أن هذه القراءة ليست مشهورة فلا تقوم بها حجة والقراءة الصحيحة المشهورة وهي الأولى وقوله وما شهدنا إلا بما علمنا يعني وما قلنا هذا إلا بما علمنا فيما رأينا إخراج الصواع من متاعه ، وقيل : معناه ما كانت منا شهادة في عمرنا على شيء إلا بما عملناه وليست هذه شهادة وإنما هو خبر عن صنيع ابنك بزعمهم . وقيل : قال لهم يعقوب هب أنه سرق فما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلا بقولكم قالوا ما شهدنا عنده أن السارق يسترق إلا بما علمنا من الحكم وكان الحكم كذلك عند الأنبياء قبله ويعقوب وبنيه .

وأورد على هذا القول كيف جاز ليعقوب إخفاء هذا الحكم حتى ينكر على بنيه ذلك .

وأجيب عنه بأنه يحتمل أن يكون ذلك الحكم كان مخصوصاً بما إذا كان المسروق منه مسلماً فلهذا أنكر عليهم إعلام الملك بهذا الحكم لظنه أنه كافر { وما كنا للغيب حافظين } قال مجاهد وقتادة : يعني ما كنا نعلم أن ابنك سرق ويصير أمرنا إلى هذا ولو علمنا ذلك ما ذهبنا به معنا وإنما قلنا ونحفظ أخانا مما لنا إلى حفظه منه سبيل ، وقال ابن عباس : ما كنا لليله ونهاره ومجيئه وذهابه حافظين وقيل معناه إن حقيقة الحال غير معلومة لنا فإن الغيب لا يعلمه إلا الله فلعل الصواع دس في رحله ونحن لا نعلم بذلك .