المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا} (13)

13 - ما لكم لا تعظِّمون الله حق عظمته حتى ترجو تكريمكم بإنجائكم من العذاب ، وقد خلقكم كَرَّاتٍ متدرجة ، نطفاً ثم علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ولحما ؟ .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا} (13)

وقوله - سبحانه - بعد ذلك حكاية عن نوح - عليه السلام - : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } : بيان لما سلكه نوح فى دعوته لقومه ، من جمعه بين الترغيب والترهيب .

فهو بعد أن أرشدهم إلى أن استغفارهم وطاعتهم لربهم ، تؤدى بهم إلى البسطة فى الرزق . . أتبع ذلك بزجرهم لسوء أدبهم مع الله - تعالى - منكرا عليهم استهتارهم واستخفافهم بما يدعوهم إليه .

وقوله : { مَّا لَكُمْ } مبتدأ وخبر ، وهو استفهام قصد به توبيخهم والتعجيب من حالهم .

ولفظ " ترجون " يرى بعضهم أنه بمعنى تعتقدون . والوقار معناه : التعظيم والإِجلال .

والأطوار : جمع طور ، وهو المرة والتارة من الأفعال والأزمان .

أى : ما الذى حدث لكم - أيها القوم - حتى صرتم لا تعتقدون لله - تعالى - عظمة أو إجلالا ، والحال أنه - سبحانه - هو الذى خلقكم وأوجدكم فى أطوار متعددة ، نطفة ، فعلقة ، فمضغة .

كما قال - سبحانه - { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } وكما قال - تعالى - { الله الذي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ العليم القدير } قال القرطبى ما ملخصه : قوله - تعالى - : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } قيل : الرجاء هنا بمعنى الخوف .

أى : مالكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أخذكم بالعقوبة .

وقيل : المعنى : ما لكم لا تعلمون لله عظمة . . أولا ترون لله عظمة . . أو لا تبالون أن لله عظمة .

. والوقار : العظمة ، والتوقير : التعظيم . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا} (13)

هذا مقام الدعوة بالترغيب . ثم عدل بهم إلى دعوتهم بالترهيب فقال : { مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } أي : عظمة قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقال ابن عباس : لا تعظمون الله حق عظمته ، أي : لا تخافون من بأسه ونقمته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا} (13)

واختلف الناس في معنى قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام : { ما لكم لا ترجون لله وقاراً } فقال أبو عبيدة وغيره : { ترجون } معناه تخافون ، ومنه قول الشاعر [ أبو ذؤيب الهذلي ] : [ الطويل ]

إذا لسعته النحل لم يرج لسعها . . . وحالفها في بيت نوب عوامل{[11346]}

قالوا والوقار : العظمة والسلطان ، فكأن الكلام على هذا وعيد وتخويف ، وقال بعض العلماء { ترجون } على بابها في الرجاء وكأنه قال : ما لكم لا تعجلون رجاءكم لله وتلقاءه وقاراً ، ويكون على هذا التاويل منهم كأنه يقول : تؤدة منكم وتمكناً في النظر لأن الكفر مضمنه الخفة والطيش وركوب الرأس .


[11346]:هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي، واسمه خويلد بن خالد بن محرث، وهو من قصيدته المشهورة (أسألت رسم الدار أم لم تسأل). وفيه يصف الشاعر كيف يجمع الرجل الماهر عسل النحل من أعلى الجبل. ومعنى (لم يرج) لم يخف، وهو موضع الاستشهاد هنا، وخالفها: جاء إلى عسلها وهي ترعى بعيدا، و "نوب" معناها: تنتاب المرعى فتأكل ثم ترجع فتصنع العسل، و "عوامل" تعمل العسل، وكان الشاعر يتحدث عن حبيبته فقال: إن حديثها مثل العسل الممزوج باللبن، ثم بدأ يتحدث عن العسل، وأن النحل تعيش في أعلى قمة في الجبل فلا يستطيع الوصول إليها إلا حاذق ماهر، يصعد إليها على الجبال، وإذا لسعته النحل فإنه لا يخاف هذا، وهو يتحين الوقت الذي تخرج فيه إلى المرعى بعيدا فيأتي إلى عسلها ليجمعه من بيت كل من فيه يعمل.