قوله : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } .
قيل : الرجاء هنا بمعنى الخوف ، أي : ما لكم لا تخافون لله عظمة ، وقدرة على أحدكم بالعقوبة ، أي : أيُّ عذر لكم في ترك الخوف من الله ؛ قال الهذليُّ : [ الطويل ]
4879 - إذَا لَسَعتْهُ النَّحْلُ لمْ يَرْجُ لَسْعهَا *** . . . {[57997]}
وقال سعيد بن جبيرٍ وأبو العالية وعطاء بن أبي رباح : ما لكم لا ترجون لله ثواباً ، ولا تخافون له عقاباً{[57998]} .
وقال سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ } ، لا تخشون لله عقاباً وترجون منه ثواباً{[57999]} .
وقال الوالبي والعوفي عنه : ما لكم لا تعلمون لله عظمة{[58000]} .
وقيل : ما لكم لا تعتقدون لله عظمة .
وقال ابن عباس ومجاهد : ما لكم لا ترون لله عظمة .
قال قطرب : هذه لغةٌ حجازيةٌ ، وهذيل وخزاعةُ ومضر يقولون : لم أرج ، أي : لم أبال .
قوله : «وقَاراً » ، يجوز أن يكون مفعولاً به على معان ، منها : ما لكم لا تأملون له توقيراً ، أي : تعظيماً .
قال الزمخشريُّ : والمعنى ما لكم لا تكونون على حالٍ ، تأملون فيها تعظيم الله إيَّاكم في دار الثواب «ولله » بيانٌ للموقر ، ولو تأخر لكان صلته . انتهى .
أي : لو تأخر «للَّهِ » عن «وقَاراً » لكان متعلقاً به ، فيكون التوقير منهم لله تعالى وهو عكس المعنى الذي قصده ، ومنها : لا تخافون لله حلماً وترك معاجلة بالعقاب فتؤمنوا .
ومنها : لا تخافون لله عظمة ، وعلى الأول يكون الرجاء على بابه ، وقد تقدم أن استعماله بمعنى الخوف مجاز ومشترك .
وأن يكون حالاً من فاعل «تَرجُونَ » ، أي : موقرين الله تعالى ، أي : تعظمونه ف «لِلَّهِ » على هذا متعلق بمحذوف على أنه حالٌ من «وقَاراً » أو تكون اللام زائدة في المفعول به ، وحسنه هنا أمران : كون العامل فرعاً ، وكون المعمول مقدماً ، و «لا تَرْجُونَ » حال .
وقد تقدم نظيره في المائدة{[58001]} .
والوقارُ : العظمة ، والتوقيرُ التعظيم ، ومنه قوله تعالى : { وَتُوَقِّرُوهُ }[ الفتح : 9 ] .
وقال قتادةُ : ما لكم لا ترجون لله عاقبة كأن المعنى : ما لكم لا ترجون لله عاقبة الإيمان{[58002]} .
وقال ابن كيسان : ما لكم لا ترجون في عبادة الله ، وطاعته أن يثيبكم على توقيركم خيراً .
وقال ابن زيد : ما لكم لا تؤتون لله تعالى طاعة{[58003]} .
وقال الحسنُ : ما لكم لا تعرفون لله حقاً ، ولا تشكرون له نعمة{[58004]} .
وقيل : ما لكم لا توحدون الله لأن من عظمه فقد وحَّده .
وقيل : إن الوقار هو : الثبات لله عز وجل ، ومنه قوله تعالى :{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }[ الأحزاب : 33 ] أي : اثبتن ، والمعنى : ما لكم لا تثبتون وحدانية الله تعالى ، وأنه إلهكم ، لا إله لكم غيره ، قاله ابن بحر ، ثم دلَّهم على ذلك فقال : { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.