المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

14- إن تدعوا الذين تعبدونهم من دون الله لا يسمعوا دعاءكم ، ولو سمعوا دعاءكم ما أجابوا شيئاً مما تطلبون ، ويوم القيامة ينكرون إشراككم لهم مع الله ، ولا يخبركم بهذا الخبر من أحوال الآخرة مثل عليم به علماً دقيقاً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

ثم أكد - سبحانه - هذا المعنى وقرره فقال : { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ . . . } .

أى : إن هذه المعبودات الباطلة لا تملك من شئ مع الله - تعالى - ، بدليل أنكم إن تدعوهم لنفعكم ، لن يسمعوا دعاءكم ، وإن تستغيثوا بهم عند المصائب والنوائب ، لمن يلبوا استغاثتكم . .

{ وَلَوْ سَمِعُواْ } على سبيل الفرض والتقدير { مَا استجابوا لَكُمْ } لأنهم لا قدرة لهم على هذه الاستجابة لعجزهم عن ذلك .

{ وَيَوْمَ القيامة } الذى تتجلى فيه الحقائق ، وتنكشف الأمور { يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } .

أى : يتبرأون من عبادتكم لهم ، ومن إشراككم إياهم العبادة مع الله - تعالى - ، فضلاً عن عدم استجابتهم لكم إذا دعوتموهم لنصرتكم .

{ وَلاَ يُنَبِّئُكَ } أى : ولا يخبرك بهذه الحقائق التى لا تقبل الشك أو الريب .

{ مِثْلُ خَبِيرٍ } أى : مثل من هو خبير بأحوال النفوس وبظواهرها وببواطنها . وهو الله - عز وجل - فإنه - سبحانه - هو الذى يعلم السر وأخفى .

وبهذا نرى الآيات الكريمة ، قد طوفت بنا فى ٍأرجاء هذا الكون ، وساقت لنا ألوانا من نعم الله - تعالى - على الناس ، كالرياح ، والسحاب ، والأمطار والبحار ، والليل والنهار ، والشمس والقمر . . وهى نعم تدل على وحدانية المنعم بها ، وعلى قدرته - عز وجل - وفى كل ذلك هداية إلى الحق لكل عبد منيب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

9

ثم يمعن في الكشف عن حقيقة أمرهم .

( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ) . .

فهم أصنام أو أوثان أو أشجار ، أو نجوم أو كواكب ، أو ملائكة أو جن . . وكلهم لا يملكون بالفعل قطميراً . وكلهم لا يسمعون لعبادهم الضالين . سواء كانوا لا يسمعون أصلاً ، أو لا يسمعون لكلام البشر . .

( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) . .

كالجن والملائكة . فالجن لا يملكون الاستجابة . والملائكة لا يستجيبون للضالين .

هذه في الحياة الدنيا . فأما يوم القيامة فيبرأون من الضلال والضالين :

( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) . .

يحدث بهذا الخبير بكل شيء ، وبكل أمر ، وبالدنيا والآخرة :

( ولا ينبئك مثل خبير ) . .

وبهذا ينتهي هذا المقطع ، وتختم هذه الجولات والمشاهد في تلك العوالم ؛ ويعود القلب البشري منها بزاد يكفيه حياته كلها لو ينتفع بالزاد . وإنه لحسب القلب البشري مقطع واحد من سورة واحدة لو كان الذي يريد هو الهدى ، ولو كان الذي يطلب هو البرهان !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

ثم بين تعالى أمر الأصنام بثلاثة أشياء كلها تعطي بطلانها ، : أولها أنها لاتسمع إن دعيت ، والثاني أنها لا تجيب أن لو سمعت وإنما جاء بهذه لأن لقائل متعسف أن يقول عساها تسمع ، والثالث أنها تتبرأ يوم القيامة من الكفار ، ويكفرون بشركهم أي بأن جعلوهم شركاء لله فأضاف الشرك إليهم من حيث هم قرروه ، فهو مصدر مضاف إلى الفاعل ، وقوله { يكفرون } يحتمل ان يكون بكلام ، وعبارة يقدر الله الأصنام عليها ويخلق لها إدراكاً يقتضيها ، ويحتمل أن يكون بما يظهر هناك من جمودها وبطولها عند حركة كل ناطق ومدافعة كل محتج فيجيء هذا على طريق التجوز كما قال ذو الرمة : [ الطويل ]

وقفت على ربع لمية ناطق . . . يخاطبني آثاره وأخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثه . . . تكلمني أحجاره وملاعبه{[9706]}

وهذا كثير ، وقوله { ولا ينبئك مثل خبير } قال المفسرون قتادة وغيره «الخبير » هنا أراد به تعالى نفسه فهو الخبير الصادق الخبر نبأ بهذا فلا شك في وقوعه ، ويحتمل أن يكون قوله { ولا ينبئك مثل خبير } من تمام ذكر الأصنام ، كأنه قال : ولا يخبرك مثل من يخبر عن نفسه أي لا أصدق في تبريها من شرككم منها فيريد بالخبير على هذا المثل له ، كأنه قال { ولا ينبئك مثل خبير } عن نفسه وهي قد أخبرت عن نفسها بالكفر بهؤلاء .


[9706]:الربع: الموضع ينزل فيه زمن الربيع، أو الدار وما حولها، أو الحي، وآثاره: بقاياه وما ترك فيه السكان بعد الرحيل، أبث فلانا: أطلعه على سري وأشجاني. يقول: أوقفت ناقتي على منزلة مية، وإنه لمنزل ناطق، حادثته وشكوت إليه أخباري وأسراري، وكادت أحجاره وآثاره تجاوبني وتناجيني، فقد أنطق ذو الرمة آثار الديار، وجعلها تتكلم، على طريق التجوز، وهذا هو الشاهد هنا.