تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

الآية 14 [ وقوله تعالى : { إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم } ]{[17220]} /440-ب/ يخبر عن عجز من [ عبدوهم حين ]{[17221]} قال : { إن تدعوهم } على حقيقة الدعاء { لا يسمعوا دعاءكم } حقيقة { ولو سمِعوا ما استجابوا لكم } أي لو سمعوا دعاءكم ما يملكون إجابتكم في دفع ضر وسوء ولا في جر نفع .

[ ويحتمل ]{[17222]} أن يكون قوله : { إن تدعوهم } أي تعبدوهم { لا يسمعوا دعاءكم } أي لا يجيبوكم إلى ما تقصدون بعبادتكم إياهم ، وإن تقولوا ما قبلوا ذلك عنكم ولا نفعكم فيه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ويوم القيامة يكفرون بشرككم } يُنكرون يوم القيامة أن يكونوا [ شركاءكم ، أو أمروكم ]{[17223]} بذلك كقوله : { كلاّ سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا } [ مريم : 82 ] وقوله : { ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } { قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم } الآية [ سبأ : 40 و41 ] ونحوه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولا ينبئُك مثل خبير } أي لا ينبّئك أحد مثل الذي أنبأك الخبير في الصدق والحق .

[ ويحتمل ]{[17224]} أن يكون قوله { ولا ينبّئك مثل خبير } أي لا يكون نبأ أحد مثل نبأ الخبير ، فاعمل به ، وأقبل عليه ، ولا تُقبل على نبأ غيره ، والله أعلم .

وفي قوله : { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } وجهان من اللطف :

أحدهما : يُتلف [ أحدهما ]{[17225]} حتى يُذهب أثره ، ويأتي بالآخر .

[ والثاني ]{[17226]} : يزيد في هذا ، ويُنقص من الآخر ، ويُدخل من ساعات هذا في ساعات الآخر .

وفيه نقض قول الثّنوية في قولهم : إن مُنشئ الخير غير منشئ [ الشر ]{[17227]} وقولهم{[17228]} : إن النور من منشئ الخير ، والظلمة من منشئ الشر . فلو كان ما ذكروا لكان إذا ذهب النور وجاءت الظلمة صارت هي الغالبة{[17229]} ، والنور [ هو المغلوب ]{[17230]} في يدها . وكذلك النور إذا جاء ، وذهبت الظلمة ، صارت هي مقهورة مغلوبة في يد النور ، والنور هو الغالب عليها . فإذا صار مغلوبا في يد صاحبه يجيء لا يقدر على استنقاذ نفسه من يده أبدا على ما يكون من عادة الأعداء إذا غلب بعضهم بعضا ، وقهر بعضهم بعضا أن يهلك [ عدوّه ]{[17231]} ويتخلّص منه . فإذا لم يكن ، ولكن جاء كل منهما في وقته بعد ذهاب [ أثر الآخر ]{[17232]} على التقدير الذي ذكرنا ، دل أنه فعل واحد وتدبير واحد ، لا تدبير عدد . وبالله الحول والقوة .

والقتبي يقول : القِطمير هو الفُوفَة التي تكون فيها النُّواة . وأبو عوسجة يقول : هو القشرة الرفيعة التي تكون بين لحم الثمرة وبين نواتها ، واحده وجمعه سواء .


[17220]:. في الأصل وم: ثم.
[17221]:في الأصل وم: عبدوه حيث.
[17222]:في الأصل وم: أو.
[17223]:في الأصل وم: شركاءهم أو أمروهم.
[17224]:في الأصل وم: أو.
[17225]:ساقطة من الأصل وم.
[17226]:في الأصل وم: أو.
[17227]:من م، ساقطة من الأصل.
[17228]:في الأصل وم: ويقولون.
[17229]:في الأصل وم: المغلوبة.
[17230]:في الأصل وم: هي المغلوبة.
[17231]:في الأصل وم: ولا.
[17232]:في الأصل وم: أثره.