فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

ثم بين سبحانه حال هؤلاء الذين يدعونهم من دون الله بأنهم لا ينفعون ولا يضرون فقال : { إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ( 14 )

{ إِن تَدْعُوهُمْ } أي إن تستغيثوا بهم في النوائب { لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ } لكونها جمادات لا تدرك شيئا من المدركات .

{ وَلَوْ سَمِعُوا } فرضا وتقديرا { مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } لعجزهم عن ذلك قال قتادة : المعنى ولو سمعوا لم ينفعوكم ، وقيل المعنى لو جعلنا لهم سماعا وحياة فسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم ولم يستجيبوا لكم إلى ما دعوتهم إليه من الكفر .

{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } أي يتبرأون من عبادتكم لهم ، ويقولون : ما كنتم إيانا تعبدون ، ويجوز أن يرجع : والذين تدعون من دونه وما بعده إلى من يعقل ممن عبدهم الكفار ، وهم الملائكة والجن والشياطين والمعنى : أنهم يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا وينكرون أنهم أمروكم بعبادتهم كما أخبر الله عن عيسى بقوله : ( ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) ، قال القرطبي : ويجوز أن يندرج فيه الأصنام أيضا أي : يحييها الله حتى تخبر بأنها ليست أهلا للعبادة .

{ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } أي لا يخبرك أيها المفتون بأسباب الغرور مثل من هو خبير بالأشياء ، عالم بخبايا الأمور ، وهو الله سبحانه فإنه لا أحد أخبر بخلقه وأقوالهم وأفعالهم منه سبحانه ، وهو الخبير بكنه الأمور وحقائقها .