اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

قوله : { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ } يعني الأصنام «وَلَو سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ » وهذا إبطال لما كانوا يقولون : إن في عبادة الأصنام عزّة من حيث القرب منها والنظر إليها وعرض الحوائج عليها والله لا يرى ولا يصل إليه أحد فقلا مجيباً لهم : إن هؤلاء لا يسمعون كما تظنون فإنهم كانوا يقولون : إن الأصنام تسمع وتعلم ولكن لا يمكنهم أن يقولوا بأنها تجيب لأن ذلك إنكار للمحسوس فقال : { لَوْ سَمِعُواْ } كما تظنون «مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ »{[45182]} .

قوله : { وَيَوْمَ القيامة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } أي يَتَبرءُون{[45183]} منكم ومن عبادتكم إيَّاها ويقولون «مَا كُنْتُم إيَّانا تَعْبُدُونَ » واعلم أنه لما بين عدم النفع فيهم في الدنيا بين عدم النفع فيهم في الآخرة ووجود الضرر منهم في القيامة بقوله : { وَيَوْمَ القيامة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُم } أي بإشراككم بالله{[45184]} غيره وهذا مصدر مضاف لفاعله ثم قال : { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } يعني نَفْسَهُ أي لا ينبئك أحدٌ مثل خبير عالم بالأشياء وهذا الخطاب يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون خطاباً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ووجهه أن الله تعالى لما أخبر أن{[45185]} الخَشَبَ والحَجَرَ يوم القيامة ينطق ويكذب عابده وذلك ما لا يعلم بالعقل المجرد لولا إخْبَار الله تعالى عنه بقوله : «إنهم يكفرون بهم يوم القيامة » فهذا القول مع كون{[45186]} المُخْبَر عنه أمراً عجيباً قال إن المخبر عنهَ خبير .

والثاني : أن ذلك الخطاب غير مختص بأحد أي هذا الذي ذكر هو كما ذكر ولا يُنْبئُك أَيُّها السَّامِعُ كائناً من كنت مثْلَ خبير .


[45182]:نقله الرازي عند قوله تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعون} . وانظر تفسيره 26/12 .
[45183]:في ((ب)) يقهرون وانظر : معالم التنزيل للبغوي 5/300 .
[45184]:في ((ب)) والله على القسم وهذا غير مراد.
[45185]:في ((ب)) بأن بزيادة الباء على ((أن)).
[45186]:في ((ب)) كونه تحريف.