فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

ثم بيّن سبحانه حال هؤلاء الذين يدعونهم من دون الله بأنهم لا ينفعون ولا يضرّون ، فقال : { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ } أي إن تستغيثوا بهم في النوائب لا يسمعوا دعاءكم ، لكونها جمادات لا تدرك شيئاً من المدركات { وَلَوْ سَمِعُواْ } على طريقة الفرض ، والتقدير { مَا استجابوا لَكُمْ } لعجزهم عن ذلك . قال قتادة : المعنى ولو سمعوا لم ينفعوكم . وقيل المعنى : لو جعلنا لهم سماعاً وحياة فسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم ، ولم يستجيبوا لكم إلى ما دعوتموهم إليه من الكفر { وَيَوْمَ القيامة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } أي يتبرّءون من عبادتكم لهم ، ويقولون { مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } [ يونس : 28 ] ويجوز أن يرجع { والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ } [ الأعراف : 197 ] وما بعده إلى من يعقل ممن عبدهم الكفار ، وهم الملائكة والجنّ والشياطين . والمعنى : أنهم يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقاً ، وينكرون : أنهم أمروكم بعبادتهم { وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } أي لا يخبرك مثل من هو خبير بالأشياء عالم بها ، وهو الله سبحانه ، فإنه لا أحد أخبر بخلقه ، وأقوالهم وأفعالهم منه سبحانه ، وهو الخبير بكنه الأمور وحقائقها .

/خ14