المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} (158)

158- لقد قامت الحُجة على وجوب الإيمان ، ولم يؤمن هؤلاء ، فماذا ينتظرون لكي يؤمنوا ؟ هل ينتظرون أن تأتيهم الملائكة رسلاً بدل البشرَ ، أو شاهدين على صدقك ؟ أو أن يأتيهم ربك ليروه ، أو يشهد بصدقك ؟ أو أن تأتيهم بعض علامات ربك لتشهد على صدقك ؟ ! وعندما تأتى علامات ربك مما يلجئهم إلى الإيمان لا ينفعهم إيمانهم ، لأنه إيمان اضطرار ، ولا ينفع العاصي أن يتوب ويطيع الآن ، فقد انتهت مرحلة التكليف ، قل لهؤلاء المعرضين المكذبين : انتظروا أحد هذه الأمور الثلاثة ، واستمروا على تكذيبكم ، إنا منتظرون حكم الله فيكم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} (158)

ثم يمضى القرآن فى تهديدهم خطوة أخرى . رداً على ما كانوا يطلبون من الآيات الخارقة ، وتحذيراً من إعراضهم وتقاعسهم عن طريق الحق مع أن الزمن لا يتوقف ، والفرص لا تعود فيقول : { هَلْ يَنظُرُونَ . . . . }

أى : ما ينتظر مشركو مكة وغيرهم من المكذبين بعد إعراضهم عن آيات الله إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم من أجسادهم .

والجملة الكريمة مستأنفة لبيان أنهم لا يتأتى منهم الإيمان بإنزال ما ذكر من البينات والهدى .

قال البيضاوى : وهم ما كانوا منتظرين لذلك ، ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظرين .

وقوله : { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } أى : إتياناً يناسب ذاته الكريمة بدون كيف أو تشبيه للقضاء بين الخلق يوم القيامة ، وقيل المراد بإتيان الرب ، إتيان ما وعد به من النصر للمؤمنين والعذاب للكافرين .

وقوله : { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } أى : بعض علامات قيام الساعة ، وذلك قبل يوم القيامة ، وفسر فى الحديث بطلوع الشمس من مغربها .

فقد روى البخارى عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها . فإذا رآها الناس آمن من عليها . فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل " .

وفى رواية لمسلم والترمذى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض " .

ثم بين - سبحانه - أنه عند مجىء علامات الساعة لا ينفع الإيمان فقال :

{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً } .

أى : عند مجىء بعض أشراط الساعة ، يذهب التكليف ، فلا ينفع الإيمان حينئذ نفساً كافرة لم تكن آمنت قبل ظهورها ، ولا ينفع العمل الصالح نفساً مؤمنة تعمله عند ظهور هذه الأشراط ، لأن العمل أو الإيمان عند ظهور هذه العلامات لا قيمة له لبطلان التطليف فى هذا الوقت .

قال الطبرى : معنى الآية لا ينفع كافراً لم يكن آمن قبل الطلوع - أى طلوع الشمس من مغربها - إيمان بعد الطلوع . ولا ينفع مؤمناً لم يكن عمل صالحاً قبل الطلوع ، بعد الطلوع . لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ . حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة ، وذلك لا يفيد شيئاً . كما قال - تعالى - { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } وكما ثبت فى الحديث الصحيح : " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " .

وقال ابن كثير : إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ لم يقبل منه ، فأما من كان مؤمناً قبل ذلك فإن كان مصلحاً فى عمله فهو بخير عظيم ، وإن لم يكن مصلحاً فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته ، كما دلت عليه الأحاديث ، وعليه يحمل قوله - تعالى - : { أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً } أى : لا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك " .

وقوله : { قُلِ انتظروا إِنَّا مُنتَظِرُونَ } تهديد لهم . أى : قل يا محمد لهؤلاء الكافرين : انتظروا ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور ألثلاثة لتروا أى شىء تنتظرون ، فإنا منتظرون معكم لنشاهد ما يحل بكم من سوء العاقبة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} (158)

154

ويمضي في هذا التهديد خطوة أخرى ، للرد على ما كانوا يطلبونه من الآيات والخوارق حتى يصدقوا بهذا الكتاب . . وقد مضى مثل ذلك التهديد في أوائل السورة عند ما كانت المناسبة هناك مناسبة التكذيب بحقيقة الاعتقاد . وهو يتكرر هنا ، والمناسبة الحاضرة هي مناسبة الإعراض عن الاتباع والتقيد بشريعة الله : فقد جاء في أول السورة : ( وقالوا : لولا أنزل عليه ملك ! ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا يُنظرون ) . . وجاء هنا في آخرها :

( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ، أو يأتي بعض آيات ربك ؟ يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً : قل : انتظروا إنا منتظرون ) . .

إنه التهديد الواضح الحاسم . فقد مضت سنة الله بأن يكون عذاب الاستئصال حتماً إذا جاءت الخارقة ثم لم يؤمن بها المكذبون . . والله سبحانه يقول لهم : إن ما طلبوه من الخوارق لو جاءهم بعضه لقضي عليهم بعده . . وإنه يوم تأتي بعض آيات الله تكون الخاتمة التي لا ينفع بعدها إيمان ولا عمل . . لنفس لم تؤمن من قبل ، ولم تكسب عملاً صالحاً في إيمانها . فالعمل الصالح هو دائماً قرين الإيمان وترجمته في ميزان الإسلام .

ولقد ورد في روايات متعددة أن المقصود بقوله تعالى : ( يوم يأتي بعض آيات ربك ) هو أشراط الساعة وعلاماتها ، التي لا ينفع بعدها إيمان ولا عمل . وعدوا من ذلك أشراطاً بعينها . . ولكن تأويل الآية على وفق السنة الجارية في هذه الحياة أولى . فقد سبق مثله في أول السورة ، وهو قوله تعالى : ( وقالوا لولا أنزل عليه ملك ، ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ) . . والملاحظ أن السياق يكرر وهو بصدد الكلام عن الشريعة والحاكمية ، ما جاء مثله من قبل وهو بصدد الكلام عن الإيمان والعقيدة ، وأن هذا ملحوظ ومقصود ، لتقرير حقيقة بعينها . فأولى أن نحمل هذا الذي في آخر السورة على ما جاء من مثله في أولها من تقرير سنة الله الجارية . وهو كاف في التأويل ، بدون الالتجاء إلى الإحالة على ذلك الغيب المجهول . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} (158)

يقول تعالى متوعدًا للكافرين به ، والمخالفين رسله والمكذبين بآياته ، والصادين عن سبيله : { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } وذلك كائن يوم القيامة . { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ] }{[11422]} الآية ، وذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة وأشراطها كما قال البخاري في تفسير هذه الآية :

حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا عمارة ، حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا أبو هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مَغْرِبها ، فإذا رآها الناس آمن من عليها . فذلك حين { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ }

حدثنا إسحاق ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مَعْمَر ، عن هَمَّام بن مُنَبِّه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها " ثم قرأ هذه الآية .

هكذا روي هذا الحديث من هذين الوجهين{[11423]} ومن الوجه الأول أخرجه بقية الجماعة في كتبهم إلا الترمذي ، من طرق ، عن عمارة بن القَعْقَاع بن شُبْرُمَة ، عن أبي زرعة بن{[11424]} عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، به{[11425]} .

وأما الطريق الثاني : فرواه عن إسحاق ، غير منسوب ، فقيل : هو ابن منصور الكوسج ، وقيل : إسحاق بن نصر{[11426]} والله أعلم .

وقد رواه مسلم عن محمد بن رافع النيسابوري ، كلاهما عن عبد الرزاق ، به{[11427]} .

وقد ورد هذا الحديث من طرق أخر عن أبي هريرة ، كما انفرد مسلم بروايته من حديث العلاء ابن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، به{[11428]} .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث إذا خرجن { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض " .

ورواه أحمد ، عن وَكِيع ، عن فُضَيْل بن غَزْوان ، عن أبي حازم سلمان ، عن أبي هريرة به ، وعنده : " والدخان " .

ورواه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، عن وكيع{[11429]} .

ورواه هو أيضا والترمذي ، من غير وجه ، عن فضيل بن غزوان ، به{[11430]} .

ورواه إسحاق بن عبد الله الفَروي ، عن مالك ، عن أبي الزِّناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة . ولكن لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه ، لضعف الفَروي ، والله أعلم .

وقال ابن جرير : حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت آمن الناس كلهم ، وذلك حين { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ } الآية{[11431]} .

ورواه ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، به . ورواه وكيع ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، به .

أخرج هذه الطرق كلَّها الحافظ أبو بكر بن مَرْدُوَيه في تفسيره .

وقال ابن جرير : حدثنا الحسن بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا مَعْمَر ، عن أيوب ، عن ابن سِيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها ، قُبِل منه " .

لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة{[11432]} .

حديث آخر عن أبي ذر الغفاري : في الصحيحين وغيرهما ، من طرق ، عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر جُنْدُب بن جُنَادة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تَدْري أين تذهب الشمس إذا غربت ؟ " . قلت : لا أدري ، قال : " إنها تنتهي دون العرش ، ثم تخر ساجدة ، ثم تقوم حتى يقال لها : ارجعي{[11433]} فيوشك يا أبا ذر أن يقال لها : ارجعي من حيث جئت ، وذلك حين : { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ }{[11434]} .

حديث آخر عن حُذيفة بن أسيد أبي سريحة الغفاري ، رضي الله عنه :

قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا سفيان ، عن فُرَات ، عن أبي الطُّفَيْل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ، ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : " لا تقوم الساعة

حتى تَرَوْا عشر آيات : طُلوع الشمس من مَغْرِبها ، والدُّخَان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خُسوف : خَسْف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قَعْر عَدَن تسوق - أو : تحشر - الناس ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتَقيل معهم حيث قالوا " .

وهكذا رواه مسلم وأهل السنن الأربعة{[11435]} من حديث فرات القَزَّاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح .

حديث آخر عن حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه :

قال الثوري ، عن منصور ، عن رِبْعي ، عن حذيفة قال : سألت النبي{[11436]} صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ما آية طلوع الشمس من مغربها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تطول تلك الليلة حتى تكون قَدْر ليلتين ، فبينما الذين كانوا يصلون فيها ، يعملون{[11437]} كما كانوا يعملون قبلها والنجوم لا تسري ، قد قامت مكانها ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيصلون ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيطل عليهم جنوبهم ، حتى يتطاول عليهم الليل ، فيفزع الناس ولا يصبحون ، فبينما هم{[11438]} ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذ طلعت من مغربها ، فإذا رآها الناس آمنوا ، ولا ينفعهم إيمانهم " .

رواه ابن مَرْدُوَيه ، وليس في الكتب الستة من هذا الوجه{[11439]} والله أعلم .

حديث آخر عن أبي سعيد الخدري - واسمه : سعد بن مالك بن سنان - رضي الله عنه وأرضاه :

قال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا ابن أبي ليلى ، عن عطية العَوْفي ، عن أبي سعيد الخُدْري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا } قال : " طلوع الشمس من مغربها " .

ورواه الترمذي ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، به . وقال : غريب ، ورواه بعضهم ولم يرفعه{[11440]} .

وفي حديث طالوت بن عباد ، عن فَضَال بن جبير ، عن أبي أمامة صُدَيّ بن عَجْلان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أوّلَ الآيات طلوعُ الشمس من مغربها " {[11441]} .

وفي حديث عاصم بن أبي النَّجُود ، عن زِرّ بن حُبَيْش ، عن صفوان بن عَسَّال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله فتح بابًا قبل المغرب عرضه سبعون عامًا للتوبة " ، قال : " لا{[11442]} يغلق

حتى تطلع الشمس منه " . رواه الترمذي وصححه النسائي ، وابن ماجه في حديث طويل{[11443]} .

حديث آخر عن عبد الله بن أبي أوفى :

قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن علي بن دُحَيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا ضرار بن صُرَد ، حدثنا ابن فضيل ، عن سليمان بن زَيد ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم هذه ، فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون ، يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ، ثم ينام ، ثم يقوم فيقرأ حزبه ، ثم ينام . فبينما هم كذلك إذ صاح الناس بعضهم في بعض فقالوا : ما هذا ؟ فيفزعون إلى المساجد ، فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها ، فضج الناس ضجة واحدة ، حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها " . قال : " حينئذ لا ينفع نفسًا إيمانها " .

هذا حديث غريب من هذا الوجه{[11444]} وليس هو في شيء من الكتب الستة .

حديث آخر عن عبد الله بن عمرو{[11445]}

قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أبو حيان ، عن أبي زُرْعَة بن عمرو بن جرير قال : جلس ثلاثة نفر من المسلمين إلى مروان بالمدينة فسمعوه يقول - وهو يحدث في الآيات - : إن أولها خروج الدجال . قال : فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو ، فحدثوه بالذي سمعوه من مروان في الآيات ، فقال{[11446]} لم يقل مَرْوان شيئا قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحىً ، فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها " . ثم قال عبد الله - وكان يقرأ الكتب - : وأظن أولها خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع ، حتى إذا بدا الله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل : أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فلم يرد عليها شيء ، ثم تستأذنُ في الرجوع فلا يرد عليها شيء ، ثم تستأذن فلا يرد عليها شيء ، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب ، وعرفت أنه إذا{[11447]} أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق ، قالت : ربي ، ما أبعد المشرق . من لي بالناس . حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع ، فيقال لها : من مكانك فاطلعي . فطلعت على الناس من مغربها " ، ثم تلا عبد الله هذه الآية : { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ [ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ] }{[11448]} الآية .

وأخرجه مسلم في صحيحه ، وأبو داود وابن ماجه ، في سننيهما ، من حديث أبي حيان التيمي - واسمه يحيى بن سعيد بن حيان - عن أبي زُرْعَة بن عمرو بن جرير ، به{[11449]} .

حديث آخر عنه :

قال الطبراني : حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرَّقِّي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم - بن زبريق الحمصي - حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، حدثنا ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي{[11450]} عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجدًا ينادي ويجهر : إلهي ، مُرْني أن أسجد لمن شئت " . قال : " فيجتمع إليه زبانيته فيقولون : يا سيدهم ، ما هذا التضرع ؟ فيقول : إنما سألت ربي أن يُنْظِر إلى الوقت المعلوم ، وهذا الوقت المعلوم " . قال " ثم تخرج دابة الأرض من صَدْع في الصفا " . قال : " فأول خطوة تضعها بأنطاكيا ، فتأتي إبليس فَتَخْطمه{[11451]} . .

هذا حديث غريب جدًا وسنده ضعيف{[11452]} ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما{[11453]} عبد الله بن عمرو يوم اليرموك ، فأما رفعه فمنكر ، والله أعلم .

حديث آخر عن عبد الله بن عمرو ، وعبد الرحمن بن عوف ، ومعاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنهم أجمعين :

قال الإمام أحمد : حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضَمْضَم بن زُرْعَة ، عن شُرَيح بن عبيد يرده إلى مالك بن يُخَامر ، عن ابن السعدي ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " . فقال معاوية ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمرو بن العاص : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الهجرة خصلتان : إحداهما{[11454]} تهجر السيئات ، والأخرى تهاجر{[11455]} إلى الله ورسوله ، ولا تنقطع ما تقبلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب{[11456]} فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه ، وكفى الناس العمل " . هذا الحديث حسن الإسناد{[11457]} ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، والله أعلم .

حديث آخر عن ابن مسعود ، رضي الله عنه :

قال عوف الأعرابي ، عن محمد بن سيرين ، حدثني أبو عبيدة ، عن ابن مسعود ؛ أنه كان يقول : ما ذكر من الآيات فقد مضى غير أربع : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ، وخروج يأجوج ومأجوج . قال : وكان يقول : الآية التي تختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها ، ألم تر أن الله يقول : { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا ] }{[11458]} الآية كلها ، يعني طلوع الشمس من مغربها{[11459]} .

حديث ابن عباس ، رضي الله عنهما :

رواه الحافظ أبو بكر بن مَرْدُوَيه في تفسيره من حديث عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وَهْب ابن مُنَبِّه ، عن ابن عباس [ رضي الله عنه ]{[11460]} مرفوعا - فذكر حديثًا طويلا غريبًا منكرًا رفعه ، وفيه : " أن الشمس والقمر يطلعان يومئذ مقرونين{[11461]} وإذا نَصَفا السماء رجعا ثم عادا إلى ما كانا عليه " . وهو حديث غريب جدًا{[11462]} بل منكر ، بل موضوع ، [ والله أعلم ]{[11463]} إن ادعى أنه مرفوع ، فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه - وهو الأشبه - فغير مدفوع{[11464]} والله أعلم .

وقال سفيان ، عن منصور ، عن عامر ، عن عائشة [ رضي الله عنها ]{[11465]} قالت : إذا خرج أول الآيات ، طُرحت الأقلام ، وحبست الحفظة ، وشهدت الأجساد على الأعمال . رواه ابن جرير .

فقوله [ عَزَّ وجل ]{[11466]} { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ } أي : إذا أنشأ الكافر إيمانًا يومئذ لا يقبل منه ، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك ، فإن كان مصلحًا في عمله فهو بخير عظيم ، وإن كان مخَلِّطًا فأحدث توبة حينئذ{[11467]} لم تقبل منه توبته ، كما دلت عليه{[11468]} الأحاديث المتقدمة ، وعليه يحمل قوله تعالى : { أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } أي : ولا يقبل منها كَسْبُ عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك .

وقوله : { قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ } تهديد شديد للكافرين ، ووعيد أكيد لمن سَوَّف بإيمانه وتوبته إلى وقت لا ينفعه ذلك . وإنما كان الحكم هذا عند طلوع الشمس من مغربها ، لاقتراب وقت القيامة ، وظهور أشراطها كما قال : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } [ محمد : 18 ] ، وقال تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ . فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ] }{[11469]} [ غافر : 84 ، 85 ] .


[11422]:زيادة من م، .
[11423]:صحيح البخاري برقم (4635)، (4636).
[11424]:في أ: "عن".
[11425]:صحيح مسلم برقم (157) وسنن أبي داود برقم (4312) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11177) وسنن ابن ماجة برقم (4068).
[11426]:قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/297): "جزم خلف بأنه ابن نصر، وأبو مسعود بأنه ابن منصور، وقول خلف أقوى".
[11427]:صحيح مسلم برقم (157).
[11428]:صحيح مسلم برقم (157).
[11429]:تفسير الطبري (12/265) والمسند (2/445) وصحيح مسلم برقم (158).
[11430]:صحيح مسلم برقم (158) وسنن الترمذي برقم (3072).
[11431]:تفسير الطبري (12/255).
[11432]:تفسير الطبري (12/256) ورواه أحمد في مسنده (2/275) من طريق عبد الرزاق به.
[11433]:في د: "ارفعي".
[11434]:صحيح البخاري برقم (4803) وصحيح مسلم برقم (159).
[11435]:المسند (4/7) وصحيح مسلم برقم (2901) وسنن أبي داود برقم (4311) وسنن الترمذي برقم (2183) وسنن ابن ماجة برقم (4041).
[11436]:في أ: "رسول الله".
[11437]:في أ: "فيعملون".
[11438]:في أ: "هم كذلك".
[11439]:ذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة (1/31) قال ابن مردويه: "حدثنا محمد بن علي بن سهل، حدثنا محمد بن يوسف الرازي، حدثنا إدريس بن علي الرازي، حدثنا يحيى بن الضريس، عن سفيان الثوري فذكره".
[11440]:المسند (3/31) وسنن الترمذي برقم (3071) وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف (15/179) من طريق وكيع، عن ابن أبي ليلى به موقوفا.
[11441]:ورواه الطبراني في المعجم الأوسط كما في مجمع الزوائد (8/9) وقال الهيثمي: "فيه فضال بن جبير وهو ضعيف، وقد أنكر هذا الحديث".
[11442]:في م: "إن".
[11443]:سنن الترمذي برقم (3536) وسنن النسائي (1/83) وسنن ابن ماجه برقم (4070).
[11444]:ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور (3/392).
[11445]:في أ: "عمر".
[11446]:في أ: "فقال عبد الله".
[11447]:في م: "إن".
[11448]:زيادة من: م، أ.
[11449]:صحيح مسلم برقم (2941) وسنن أبي داود برقم (4310) وسنن ابن ماجة برقم (4069).
[11450]:في أ: "الجبلي".
[11451]:في أ: "فتلطمه".
[11452]:المعجم الكبير للطبراني برقم (111) "القسم المفقود" وقال الهيثمي في المجمع (8/8): "فيه إسحاق بن إبراهيم بن زبريق وهو ضعيف".
[11453]:في أ: "أصابها".
[11454]:في أ: "إحديهما".
[11455]:في م: "يهاجر".
[11456]:في م: "مغربها".
[11457]:المسند (1/192) وقال الهيثمي في المجمع (5/251): "ورجال أحمد ثقات".
[11458]:زيادة من أ.
[11459]:رواه الطبري في تفسيره (12/260).
[11460]:زيادة من أ.
[11461]:في م، أ: "مقرونين من المغرب".
[11462]:ذكره السيوطي في الدر المنثور (3/396، 397) وقال: إسناده واه.
[11463]:زيادة من م.
[11464]:في أ: "مرفوع".
[11465]:زيادة من أ.
[11466]:زيادة من أ.
[11467]:في أ: "يومئذ".
[11468]:في م: "عليه هذه".
[11469]:زيادة من: م، أ، وفي هـ: "الآية".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} (158)

{ هل ينظرون } أي ما ينتظرون يعني أهل مكة ، وهم ما كانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظرين . { إلا أن تأتيهم الملائكة } ملائكة الموت أو العذاب . وقرأ حمزة والكسائي بالياء هنا وفي " النحل " . { أو يأتي ربك } أي أمر بالعذاب ، أو كل آية يعني آيات القيامة والهلاك الكلي لقوله : { أو يأتي بعض آيات ربك } يعني أشراط الساعة وعن حذيفة بن اليمان والبراء بن عازب : ( كنا نتذاكر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تذاكرون ؟ فقلنا : نتذاكر الساعة ، قال : " إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات : الدخان ، ودابة الأرض ، وخسفا بالمشرق ، وخسفا بالمغرب ، وخسفا بجزيرة العرب ، والدجال ، وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، ونار تخرج من عدن ) . { يوم يأتي بعض آيات ربك لا تنفع نفسه إيمانها } كالمحتضر إذا صار الأمر عيانا والإمام برهاني . وقرئ " تنفع " بالتاء لإضافة الإيمان إلى ضمير المؤنث . { لم تكن آمنت من قبل } صفة نفسا . { أو كسبت في إيمانها } خيرا عطف على { آمنت } والمعنى : أنه لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها أو مقدمة إيمانها غير كاسبة في إيمانها خيرا ، وهو دليل لمن لم يعتبر الإيمان المجرد عن العمل وللمعتبر تخصيص هذا الحكم بذلك اليوم ، وحمل الترديد على اشتراط النفع بأحد الأمرين على معنى لا ينفع نفسا خلت عنها إيمانها ، والعطف على لم تكن بمعنى لا ينفع نفسا إيمانها الذي حدثته حينئذ وإن كسبت فيه خيرا . { قل انتظروا إنا منتظرون } وعيد لهم ، أي انتظروا إتيان أحد الثلاثة فإن منتظرون له وحينئذ لنا الفوز وعليكم الويل .