المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ} (9)

8 - إنها عليهم مغلَّقة الأبواب ، وهم موثقون فيها ، مشدودون إلى عُمُدٍ ممدودة . فلا حركة لهم فيها ولا خلاص لهم منها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ} (9)

وقوله - تعالى - : { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } صفة رابعة من صفات هذه النار الشديدة الاشتعال .

وقوله { عَمَدٍ } - بفتحتين - جمع عمود كأديم وأَدَم ، وقيل : جمع عماد ، وقيل : هو اسم جمع لعمود ، وليس جمعا له ، والمراد بها : الأوتاد التى تشد بها أبواب النار .

وقرأ بعض القراء السبعة : فى عُمُد بضمتين جمع عمود كسرير وسرر .

والممددة : الطويلة الممدودة من أول الباب إلى آخره .

أى : إن هذه النار مغلقة عليهم بأبواب محكمة ، هذه الأبواب قد شدت بأوتاد من حديد ، تمتد هذه الأوتاد من أول الأبواب إلى آخرها . بحيث لا يستطيع من بداخلها الفكاك منها .

وبذلك نرى السورة الكريمة قد توعدت هؤلاء المغرورين الجاهلين ، الطاعنين فى أعراض الناس . . بأشد ألوان العقاب ، وأكثره إهانة وخزيا لمن ينزل به .

نسأل الله - تعالى - أن يعيذنا من ذلك .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

   
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ} (9)

وقوله : { فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ } اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة : ( فِي عَمَدٍ ) بفتح العين والميم ، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «فِي عُمُدٍ » بضم العين والميم . والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء ، ولغتان صحيحتان . والعرب تجمع العمود : عُمُدا وعَمَدا ، بضم الحرفين وفتحهما ، وكذلك تفعل في جمع إهاب ، تجمعه : أُهُبا ، بضم الألف والهاء ، وأَهَبا بفتحهما ، وكذلك القضم ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : إنها عليهم مُؤصدة بعمد ممدّدة : أي مغلقة مطبقة عليهم ، وكذلك هو في قراءة عبد الله فيما بلغنا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن قتادة ، في قراءة عبد الله : «إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ بِعَمَدٍ مُمَدّدَةٍ » .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنما دخلوا في عمد ، ثم مدّت عليهم تلك العمد بعماد . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ } قال : أدخلهم في عمد ، فمدّت عليهم بعماد ، وفي أعناقهم السلاسل ، فسُدّت بها الأبواب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : فِي عَمَدٍ من حديد مغلولين فيها ، وتلك العمد من نار قد احترقت من النار ، فهي من نار مُمَدّدةٍ لهم .

وقال آخرون : هي عَمَد يعذّبون بها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ } كنا نحدّث أنها عمد يعذّبون بها في النار ، قال بشر : قال يزيد : في قراءة قتادة : عَمَدٍ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن سعيد ، عن قتادة { فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ } قال : عمود يعذّبون به في النار .

وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال : معناه أنهم يعذّبون بعمد في النار ، والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها ، ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها ، ولا وُضِعَ لنا عليها دليل ، فندرك به صفة ذلك ، فلا قول فيه ، غير الذي قلنا يصحّ عندنا ، والله أعلم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ} (9)

وقوله : { في عمد ممددة } حال : إما من ضمير { عليهم } أي في حال كونهم في عَمَد ، أي موثوقين في عمد كما يوثق المسجون المغلظ عليه من رجليه في فَلْقَة ذاتِ ثَقب يدخل في رجله أو في عنقه كالقرام . وإمّا حال من ضمير { إنها } ، أي أن النار الموقدة في عمد ، أي متوسطة عَمداً كما تكون نار الشواء إذ توضع عَمَد وتجعل النار تحتها تمثيلاً لأهلها بالشواء .

و { عمد } قرأه الجمهور بفتحتين على أنه اسم جمع عمود مثل : أديم وأدم . وقرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف « عُمَد » بضمتين وهو جمع عمود ، والعمود : خشبة غليظة مستطيلة .

والممدَّدة : المجعولة طويلة جدّاً ، وهو اسم مفعول من مدده ، إذا بالغ في مده ، أي الزيادة فيه .

وكل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإِغلاظ عليهم بأقصى ما يبلغه متعارف الناس من الأحوال .