{ في عمد ممددة } آية يقول : طبقت الأبواب ثم شدت بأوتاد من حديد من نار ، حتى يرجع عليهم غمها وحرها ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح ، ولا يخرج منها غم آخر الأبد .
وأيضا { لكل همزة لمزة } ، فأما الهمزة فالذي ينم الكلام إلى الناس وهو النمام ، وأما اللمزة ، فهو الذي يلقب الرجل بما يكره ، وهو الوليد بن المغيرة ، كان رجلا نماما ، وكان يلقب الناس من التجبر والعظمة ، وأن يستهزئ بالناس ، وذلك أنه أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم { ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا } [ المدثر :11 ، 12 ] ، وكان له حديقتان ، حديقة بمكة ، وحديقة بالطائف ، وكان لا ينقطع خيره شتاء ولا صيفا ، فذلك قوله :{ مالا ممدودا وبنين شهودا } [ المدثر : 12 ، 13 ] ، يعني أرباب البيوت ، وكان له سبعة بنين ، قال :{ ومهدت له شهودا } [ المدثر :14 ] ، يقول : بسطت له في المال كل البسط ، { ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا } [ المدثر :15 ، 16 ] ، قال : والله قسمت مالي يمينا وشمالا على قريش ما دمت حيا ما فني ، فكيف تعدني الفقر ؟ قال : أما والله ، إن الذي أعطاك ، قادر على أن يأخذه منك ، فوقع في قلبه من ذلك شيء ، ثم عمد إلى ماله فعده ، ما كان ذهب أو فضة ، أو أرض ، أو حديقة ، أو رقيق ، فعده وأحصاه .
فقال : يا محمد تعدني الفقر والله لو كان هذا خبزا ما فني ، فأنزل الله عز وجل :{ ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا } لا يخلده ، ثم استأنف ، فقال :{ لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة } تعظيما لها ، فقال :{ إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة } وذلك أن الشقي إذا دخل النار طاف به الملك في أبوابها في ألوان العذاب وفتح له باب الحطمة ، وهي باب من أبواب جهنم ، وهي نار تأكل النار من شدة حرها ، وما خمدت من يوم خلقها الله عز وجل إلى يوم يدخلها ، فإذا فتح ذلك الباب وقعت النار عليه فأحرقته ، فتحرق الجلد واللحم والعصب والعظم ، ولا تحرق القلب ولا العين ، وهو ما يعقل به ويبصر ، فذلك قوله تعالى :{ التي تطلع على الأفئدة } ثم تلا : ويأتيه الموت من كل مكان ، وما هو بميت ، يقول : ليس في جسده موضع شعرة إلا والموت يأتيه من ذلك المكان ، ثم قال :{ إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة } وذلك أنه إذا خرج الموحدون من الباب الأعلى ، وهي جهنم ، قال أهل تلك السبعة الأبواب ، وهي أسفل درك من النار ، لأهل الباب السادس :{ ما سلككم في سقر } يقول : ما أدخلكم في سقر ، { قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين } [ المدثر :42 ، 44 ] إلى آخر الآيات ، ثم يقولون : تعالوا حتى نجزع ، فيجزعون حقبا من الدهر فلا ينفعهم شيئا ، ثم يقولون : تعالوا حتى نصرخ ، فيصرخون حقبا من الدهر ، فلا يغني عنهم شيئا ، فيقولون : تعالوا حتى نصبر ، فلعل الله عز وجل إذا صبرنا وسكتنا أن يرحمنا ، فيصبرون حقبا من الدهر ، فلا يغني عنهم شيئا ، فيقولون :{ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } [ إبراهيم :21 ] ، ثم ينادون :{ أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } [ المؤمنون :107 ] ، فينادى رب العزة من فوق العرش :{ اخسئوا فيها ولا تكلمون } [ المؤمنون :108 ] ، فتصم آذانهم ويختم على قلوبهم ، وتغلق عليهم أبوابها ، فيطبق كل واحد على صاحبه ، بمسامير من حديد من نار كأمثال الجبال ، فلا يلج فيها روح ، ولا يخرج منها حر النار ، ويأكلون من النار ، ولا يسمع فيها إلا الزفير والشهيق ، نسأل الله المعافاة منها بفضله وجوده ، ورحمته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.