اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ} (9)

قوله : { عَمَدٍ } . قرأ{[60845]} الأخوان وأبو بكر : بضمتين ، جمع عمود ، نحو رسول ورسل .

وقيل : جمع عماد ، نحو : كتاب وكتب .

وروي عن أبي عمرو : الضم ، والسكون ، وهو تخفيف لهذه القراءة .

والباقون : «عَمَدٍ » بفتحتين ، فقيل : بل هو اسم جمع ل«عمود » .

وقيل : بل هو جمع له .

قال الفراء : ك«أديم وأدم » .

وقال أبو عبيدة : هو جمع عماد .

و «فِي عَمَدٍ » يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «عَليهِم » ، أي : موثقين ، وأن يكون خبراً لمبتدأ مضمر ، أي : هم في عمد ، وأن يكون صفة ل «مُؤصَدةٌ » ، قاله أبو البقاء{[60846]} . يعني : فتكون النَّار داخل العمد .

وقال القرطبي{[60847]} : «الفاء بمعنى الباء ، أي : موصدة بعمد ممدة » . قاله ابن مسعود ، وهي في قراءته : «بعمد ممددة » .

قال الجوهريُّ{[60848]} : العمُود : عمود البيت ، وجمع القلّة : أعمدة ، وجمع الكثرة : عُمُد وعَمَد ، وقرئ بهما في قوله تعالى : { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ } .

وقال أبو عبيدة : العمُود : كل مستطيل من خشب ، أو حديد ، وهو أصل للبناء مثل العماد . عمدت الشيء فانعمد أي : أقمته بعماد يعتمد عليه ، وأعمدته أي جعلت تحته عماداً .

فصل في معنى الآية

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ الله تَبارَكَ وتَعَالَى يَبعَثُ عَليْهِمْ مَلائِكَةً بأطْباقٍ من نَارٍ ، ومَسامِيرَ مِنْ نَارٍ ، وعُمدٍ منْ نَارٍ ، فتطبق عليهم بتِلْكَ الأطْبَاقِ ، وتُسَدُّ بتلْكَ المَسَامِيرِ ، وتُمَدُّ بتِلْكَ العُمدِ ، فلا يَبْقَى فيْهَا خَلَلٌ يَدخلُ مِنهُ رَوْحٌ ولا يَخرجُ مِنهُ غمٌّ ، فيكُونُ فِيهَا زَفيرٌ وشَهِيقٌ ، فذلكَ قوله تَعَالَى : { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } »{[60849]} .

وقال قتادة : عمد يعذبون بها{[60850]} ، واختاره الطَّبري{[60851]} .

وقال ابن عبًّاس : إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم{[60852]} .

وقال أبو صالح : قيود في أرجلهم .

وقال القشيري : العمد : أوتاد الأطباق .

وقيل : المعنى ، في دهور ممدودة ، لا انقطاع لها .

ختام السورة:

روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ } أعطيَ مِنَ الأجْرِ عَشْرَ حَسناتٍ ، وبعدد من اسْتَهْزأ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم »{[1]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[60845]:ينظر: السبعة 697، والحجة 6/442 -443، وإعراب القراءات 2/530، وحجة القراءات 773.
[60846]:ينظر الإملاء 2/294.
[60847]:الجامع لأحكام القرآن 20/127.
[60848]:الصحاح 2/511.
[60849]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/671)، وعزاه إلى الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن أبي هريرة.
[60850]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/690)، عن قتادة وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/670)، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
[60851]:ينظر جامع البيان 12/690.
[60852]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/692)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (1/122)، من طريق محمد بن سيرين عن ابن عباس وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/674)، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.