التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ} (9)

وقوله : { في عمد ممددة } حال : إما من ضمير { عليهم } أي في حال كونهم في عَمَد ، أي موثوقين في عمد كما يوثق المسجون المغلظ عليه من رجليه في فَلْقَة ذاتِ ثَقب يدخل في رجله أو في عنقه كالقرام . وإمّا حال من ضمير { إنها } ، أي أن النار الموقدة في عمد ، أي متوسطة عَمداً كما تكون نار الشواء إذ توضع عَمَد وتجعل النار تحتها تمثيلاً لأهلها بالشواء .

و { عمد } قرأه الجمهور بفتحتين على أنه اسم جمع عمود مثل : أديم وأدم . وقرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف « عُمَد » بضمتين وهو جمع عمود ، والعمود : خشبة غليظة مستطيلة .

والممدَّدة : المجعولة طويلة جدّاً ، وهو اسم مفعول من مدده ، إذا بالغ في مده ، أي الزيادة فيه .

وكل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإِغلاظ عليهم بأقصى ما يبلغه متعارف الناس من الأحوال .