المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

58- والذين صدَّقوا بالله وكتبه ورسله ، وعملوا الأعمال الصالحة ، نقسم : لننزلنَّهم من دار النعيم غرفات تجرى من تحتها الأنهار ، لا ينقطع عنهم نعيمها ، نعم هذا الجزاء أجراً للعاملين الصابرين على كل ما يصيبهم في سبيل الله من فراق الأوطان والأهل والأموال ، المعتمدين على الله - وحده - في جميع أحوالهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

ثم بين - سبحانه - ما أعده للمؤمنين الصادقين من جزاء طيب فقال : { والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الجنة غُرَفَاً } .

أى : والذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحات ، لننزلنهم من الجنة غرفا عالية فخمة . هذه الغرف من صفاتها أنها { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } زيادة فى إكرام أصحابها ، وفضلاً عن ذلك فقد جعلناهم { خَالِدِينَ فِيهَا } خلوداً أبدياً .

والمخصوص بالمدح فى قوله : { نِعْمَ أَجْرُ العاملين } محذوف . أى : نعم أجر العاملين ، أجر هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

46

ومع هذا فإنه لا يدعهم إلى هذا الإيواء وحده ؛ بل يكشف عما أعده لهم هناك . وإنهم ليفارقون وطنا فلهم في الأرض عنه سعة . ويفارقون بيوتا فلهم في الجنة منها عوض . عوض من نوعها وأعظم منها :

( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار ، خالدين فيها ) .

وهنا يهتف لهم بالعمل والصبر والتوكل على الله :

نعم أجر العاملين ، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون . .

وهي لمسة التثبيت والتشجيع لهذه القلوب ، في موقف القلقلة والخوف والحاجة إلى التثبيت والتشجيع .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

القول في تأويل قوله تعالى : { كُلّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ثُمّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ * وَالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَنُبَوّئَنّهُمْ مّنَ الْجَنّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ } .

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب نبيه : هاجِرُوا من أرض الشرك من مكة ، إلى أرض الإسلام المدينة ، فإن أرضي واسعة ، فاصبروا على عبادتي ، وأخلِصوا طاعتي ، فإنكم ميتون ، وصائرون إليّ ، لأن كل نفس حية ذائقة الموت ، ثم إلينا بعد الموت تُرَدّون . ثم أخبرهم جلّ ثناؤه عما أعدّ للصابرين منهم على طاعته ، من كرامته عنده ، فقال : والّذين آمنوا ، يعني صدّقوا الله ورسوله ، فيما جاء به من عند الله ، وعَمِلوا الصّالِحاتِ : يقول : وعملوا بما أمرهم الله فأطاعوه فيه ، وانتهوا عما نهاهم عنه لَنُبَوّئَنّهُمْ مِنَ الجَنّةِ غُرَفا يقول : لننزلنهم من الجنة عَلاليّ .

واختلفت القُرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين : لَنُبَوّئَنّهُمْ بالباء وقرأته عامة قرّاء الكوفة بالثاء : «لَنُثْوِيَنّهُمْ » .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القُرّاء ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، وذلك أن قوله : لَنُبَوّئَنّهُمْ من بوأته منزلاً : أي أنزلته ، وكذلك لنُثْوينهم إنما هو من أثويته مَسْكَنا إذا أنزلته منزلاً ، من الثواء ، وهو المُقام .

وقوله : تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ يقول : تجرى من تحت أشجارها الأنهار . خالِدِينَ فِيها يقول : ماكثين فيها إلى غير نهاية نِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ يقول : نعم جزاء العاملين بطاعة الله هذه الغرفُ التي يُثْوِيهُمُوها الله في جَنّاته ، تجري من تحتها الأنهار ، الذين صبروا على أذى المشركين في الدنيا ، وما كانوا يَلْقون منهم ، وعلى العمل بطاعة الله وما يرضيه ، وجهاد أعدائه وَعَلى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ في أرزاقهم وجهاد أعدائهم ، فلا يَنْكُلون عنهم ثقة منهم بأن الله مُعْلِي كلمته ، ومُوهِن كيد الكافرين ، وأن ما قُسم لهم من الرزق فلن يَفُوتَهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم } لننزلنهم . { من الجنة غرفا } علالي ، وقرأ حمزة الكسائي " لنثوينهم " أي لنقيمنهم من الثواء فيكون انتصاب غرفا لإجرائه مجرى لننزلهم ، أو بنزع الخافض أو بتشبيه الظرف المؤقت بالمبهم . { تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين } وقرئ " فنعم " والمخصوص بالمدح محذوف دل عليه ما قبله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

عطف على جملة : { والذين ءامنوا بالباطل } [ العنكبوت : 52 ] .

وجيء بالموصول للإيماء إلى وجه بناء الخبر ، أي نُبَوِّئَنهم غرفاً لأجل إيمانهم وعملهم الصالح .

والتبوئة : الإِنزال والإِسكان ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ } في سورة يونس [ 93 ] . وقرأ الجمهور : [ لَنُبَوِّئَنَّهُم ] بموحدة بعد نون العظمة وهمزة بعد الواو . وقرأ حمزة والكسائي وخلف : { لَنُثَوِّيَنَّهم } بمثلثة بعد النون وتحتية بعد الواو من اثواه بهمزة التعدية إذا جعله ثاوياً ، اي مقيماً في مكان .

والغُرَف : جمع غُرفة ، وهو البيت المعتلَى على غيره . وتقدم عنه قوله تعالى : { أولئك يُجْزون الغرفة } في آخر سورة الفرقان [ 75 ] . وجملة : { نَعْمَ أجر العَامِلِين } الخ . . إنشاء ثناء وتعجيب على الأجر الذي أعطُوه ، فلذلك قطعت عن العطف .