الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

قوله : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } : يجوز فيه الوجهان المشهوران : الابتداءُ والاشتغال . والأخَوان قرآ بثاءٍ مثلثةٍ ساكنةٍ بعد النونِ ، وياءٍ مفتوحةٍ بعد الواوِ من الثَّواء وهو الإِقامةُ . والباقونَ بباءٍ مُوَحَّدة مفتوحةٍ بعد النونِ وهمزةٍ مفتوحةٍ بعد الواوِ من المَباءة وهي الإِنزالُ . و " غُرفاً " على القراءةِ الأولى : إمَّا مفعولٌ به على تضمين " أَثْوَى " أنزل ، فيتعدَّى لاثنين ، لأنَّ ثوى قاصرٌ ، وأكسبته الهمزةُ التعدِّيَ لواحدٍ ، وإمَّا على تشبيهِ الظرف المختصِّ بالمبهمِ كقولِه : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ } [ الأعراف : 16 ] وإمَّا على إسقاطِ الخافضِ اتِّساعاً أي : في غُرَف .

وأمَّا في القراءةِ الثانيةِ فمفعولٌ ثانٍ ، لأنَّ " بَوَّأ " يتعدَّى لاثنين ، قال تعالى :

{ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ } [ آل عمران : 121 ] ويتعدَّى باللامِ قال تعالى :

{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ } [ الحج : 26 ] . وقد قُرِئ " لَنُثَوِّيَنَّهم " بالتشديد مع الثاء المثلثة ، عُدِّي بالتضعيف كما عُدِّي بالهمزة . و " تَجْرِي " صفةٌ ل " غُرَفاً " .