روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (58)

{ والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } أي لننزلنهم على وجه الإقامة ، وجملة القسم وجوابه خبر المبتدأ أعني { يَتَذَكَّرُونَ الذين } ورد به وبأمثاله على ثعلب المانع من وقوع جملة القسم والمقسم عليه خبراً للمبتدأ ، وقوله تعالى : { مّنَ الجنة غُرَفَاً } أي علالي وقصوراً جليلة لا قصور فيها ، وهي على ما روي عن ابن عباس من الدر والزبرجد والياقوت ، مفعول ثان للتبوئة .

/ وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه . وعبد الله . والربيع بن خيثم . وابن وثاب . وطلحة . وزيد بن علي . وحمزة . والكسائي { لنثوينهم } بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون وإبدال الهمزة ياء من الثواء بمعنى الإقامة فانتصاب { الجنة غُرَفَاً } حينئذٍ إما بإجرائه مجرى لننزلنهم فهو مفعول به له أو بنزع الخافض على أن أصله بغرف فلما حذف الجار انتصب أو على أنه ظرف والظرف المكاني إذا كان محدوداً كالدار والغرفة لا يجوز نصبه على الظرفية إلا أنه أجرى هنا مجرى المبهم توسعاً كما في قوله تعالى : { لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم } [ الأعراف : 6 1 ] على ما فصل في النحو .

وروي عن ابن عامر أنه قرأ { غُرَفَاً } بضم الراء { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار } صفة لغرفاً { خالدين فِيهَا } أي في الغرف ، وقيل : في الجنة { نِعْمَ أَجْرُ العاملين } أي الأعمال الصالحة والمخصوص بالمدح محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه أي نعم أجري العاملين الغرف أو أجرهم ، ويجوز كون التمييز محذوفاً أي نعم أجراً أجر العاملين . وقرأ ابن وثاب { فَنِعْمَ } بفاء الترتيب .