المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

37- وقلنا له : اصنع الفلك لننجيك عليها بعنايتنا ، وتحت رعايتنا ، ولا تخاطبني في شأن هؤلاء الظالمين لأنني استجبت دعاءك ، وأمرت بإهلاكهم غرقاً{[94]} .


[94]:انظر التعليق العلمي على الآية: 27 من سورة "المؤمنون".
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

وقوله : { واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا . . . } معطوف على قوله . . { فَلاَ تَبْتَئِسْ

والفلك : ما عظم من السفن ، ويستعمل هذا اللفظ للواحد والجمع ، والمراد به هنا سفينة واحدة عظيمة قام بصنعها نوح - عليه السلام - .

والباء فى قوله { بِأَعْيُنِنَا } للملابسة ، والجار والمجرور فى موضع الحال من ضمير اصنع .

أى : واصنع الفلك يا نوح ، حالة كونك بمرأى منا ، وتحت رعايتنا وتوجيهنا وإرشادنا عن طريق وحينا .

وقوله - سبحانه - { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } نهى له عن المراجعة بشأنهم .

أى : ولا تخاطبنى يا نوح فى شأن هؤلاء الظالمين ، بأن ترجونى فى رحمتهم أو فى دفع العذاب عنهم ، فقد صدر قضائى بإغراقهم ولا راد لقضائى .

وقوله - تعالى - { واصنع الفلك } بيان لامتثال نوح لأمر ربه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

25

( واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ) . .

برعايتنا وتعليمنا .

( ولا تخاطبني في الذين ظلموا ، إنهم مغرقون ) . .

فقد تقرر مصيرهم وانتهى الأمر فيهم . فلا تخاطبني فيهم . . لا دعاء بهدايتهم ، ولا دعاء عليهم - وقد ورد في موضع آخر أنه حين يئس منهم دعا عليهم ، والمفهوم أن اليأس كان بعد هذا الوحي - فمتى انتهى القضاء امتنع الدعاء . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الّذِينَ ظَلَمُوَاْ إِنّهُمْ مّغْرَقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وأُوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، وأنِ اصْنَعِ الفُلْكَ ، وهو السفينة كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الفلك : السفينة .

وقوله بأعْيُنِنَا يقول : بعين الله ووحيه كما يأمرك . كما :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَاصْنَعِ الفُلْكَ بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا وذلك أنه لم يَعلَم كيف صنعة الفلك ، فأوحي الله إليه أن يصنعها على مثل جُؤجؤ الطائر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَوَحْيِنَا قال : كما نأمرك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا : كما نأمرك .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخُراساني ، عن ابن عباس : وَاصْنَعِ الفُلْكَ بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا قال : بعين الله ، قال ابن جريج ، قال مجاهد : وَوَحْيِنا قال : كما نأمرك .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثَور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا قال : بعين الله ووحيه .

وقوله : وَلاَ تُخَاطِبْنِي في الّذِينَ ظَلَمُوا إنّهُمْ مُغْرَقُونَ يقول تعالى ذكره : ولا تسألني في العفو عن هؤلاء الذي ظلموا أنفسهم من قومك ، فأكسبوها تعدّيا منهم عليها بكفرهم بالله الهلاك بالغرق ، إنهم مغرقون بالطوفان . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَلا تخاطِبْنِي قال : يقول : ولا تراجعني . قال : تقدّمأن لا يشفع لهم عنده .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{واصنع الفلك}، يعني السفينة، واعمل فيها، {بأعيننا}، يعني بعلمنا، {ووحينا} كما نأمرك،... {ولا تخاطبني}، يقول: ولا تراجعني {في الذين ظلموا} يعنى الذين أشركوا،... {إنهم مغرقون}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وأُوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، "وأنِ اصْنَعِ الفُلْكَ"، وهو السفينة...

وقوله "بأعْيُنِنَا "يقول: بعين الله ووحيه كما يأمرك... وقوله: "وَلاَ تُخَاطِبْنِي في الّذِينَ ظَلَمُوا إنّهُمْ مُغْرَقُونَ" يقول تعالى ذكره: ولا تسألني في العفو عن هؤلاء الذي ظلموا أنفسهم من قومك، فأكسبوها تعدّيا منهم عليها بكفرهم بالله الهلاك بالغرق، إنهم مغرقون بالطوفان... عن ابن جريج: "وَلا تخاطِبْنِي" قال: يقول: ولا تراجعني. قال: تقدّم أن لا يشفع لهم عنده.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

(واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) قال بعض أهل التأويل: (بأعيينا) بأمرنا (ووحينا) وقال بعضهم: بمنظرنا ومرأى منا... (بأعيننا) أي بإعلامنا إياك، لأنه لولا تعليم الله إياه اتخاذ السفينة ونجرها لم يكن ليعرف أن كيف يتخذ وكيف ينجز، إنما عرف ذلك بتعليم الله إياه، الله أعلم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

...

الصنع: جعل الشيء موجودا بعد أن كان معدوما...

والفلك والفلكة يقال لكل شيء مستدير، أو شيء فيه استدارة،...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أي قُمْ -بشرط العبودية- بصنع السفينة بأمرنا، وتحقق بشهودنا، وأنَّك بمرأىً منا. ومَنْ عَلِمَ اطلاعه عليه يلاحِظْ نَفْسَه ولا غيرَه، لاسيما وقد تحقق بأنَّ المُجْرِي هو سبحانه. وقال له: راعِ حَدَّ الأدَبِ، فما لم يكن لك إذْنٌ منا في الشفاعة لأحدٍ فلا تُخاطِبْنا فيهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بِأَعْيُنِنَا}... بمعنى: اصنعها محفوظاً، وحقيقته: ملتبساً بأعيننا، كأن لله معه أعينا تكلأه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وأن لا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه. "ووحينا": وأنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع...

{وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُواْ}: ولا تدعني في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك، {إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ}: إنهم محكوم عليهم بالإغراق، وقد وجب ذلك وقضي به القضاء وجف القلم، فلا سبيل إلى كفه، كقوله: {يإبراهيم أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} [هود: 76]...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

كأنه كان أعلمه أنهم إن لم يجيبوه أغرقهم وأنجاه ومن معه في فلك يحملهم فيه على متن الماء فقال: {واصنع الفلك} حال كونك محفوظاً {بأعيننا} نحفظك أن تزيغ في عملها، وجمع مبالغة في الحفظ والرعاية على طريق التمثيل {ووحينا} فنحن نلهمك أصلح ما يكون من عملها وأنت تعلم ما لنا من العظمة التي تغلب كل شيء ولا يتعاظمها شيء، فلا تهتم بكونك لا تعرف صنعتها... وأشار إلى شفقته على قومه وحبه لنجاتهم كما هو حال هذا النبي الكريم مع أمته فقال: {ولا تخاطبني} أي بنوع مخاطبة وإن قلت {في الذين ظلموا} أي أوجدوا الظلم واستمروا عليه في أن أنجيهم؛ ثم علل النهي بأن الحكم فيهم قد انبرم فقال: {إنهم مغرقون} قد انبرم الأمر بذلك...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} الفلك: السفينة يطلق على المفرد والجمع والظاهر من تعريفه هنا أن الله تعالى كان أخبره خبره. أي واصنع الفلك الذي سننجيك ومن آمن معك فيه حال كونك ملحوظا ومراقبا بأعيننا من كل ناحية، وما يلزمه من حفظنا في كل آن وحالة، فلا يمنعك منه مانع، وملهما أو معلما بوحينا لك كيف نصنعه، فلا يعرض لك في صفته خطأ، وجمع الأعين هنا لإفادة شدة العناية بالمراقبة والحفظ، وإن قال مجاهد: أي بعيني ووحيي فإن العرب تعبر برؤية العين الواحدة عن العناية وبالأعين عن المبالغة فيها. قال تعالى لموسى عليه السلام {ولتصنع على عيني} [طه: 39] وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} [الطور: 48] وفي الأساس تقول لمن بعثته واستعجلته "بعين ما أرينك "أي لأتلو على شيء فكأني أنظر إليك اه...

وهذا التفسير هو الظاهر بل المتبادر من هذا التعبير، وليس تأويلا صرف به عن الظاهر لإيهامه التشبيه، فإنما مرادهم بالتأويل حمل اللفظ على المعنى المرجوح من معنييه أو معانيه لمانع من حمله على المعنى الراجح، وهو لا ينحصر في الحقيقة اللغوية.

{ولا تخاطبني في الذين ظلموا} أي لا تراجعني في أمرهم بشيء من طلب الرحمة بهم ودفع العذاب عنهم {إنهم مغرقون} أي حقت عليهم كلمة العذاب وقضى عليهم القضاء الحتم بالإغراق، فلا تأخذك بهم رأفة ولا إشفاق، وقيل معناه: ولا تخاطبني بعد في استعجال تعذيبهم وتكرار الدعاء عليهم، ويرجح هذا إذا كان الدعاء بعد إعلامه تعالى إياه بهذا الحكم فقد حكى عنه في آخر سورته {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا} [نوح: 26 -28] أي هلاكا.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وجاء الأمر لنوح أن (اصنع الفلك بأعيننا ووحينا). إِنّ المقصود من كلمة «أعيننا» إِشارة إلى أن جميع ما كنت تعمله وتسعى بجد من أجله في هذا المجال هو في مرآى ومسمع منّا، فواصل عملك مطمئن البال. وطبيعي أنّ هذا الإِحساس بأنّ الله حاضر وناظر ومراقب ومحافظ يعطي الإِنسان قوة وطاقة، كما أنّه يحسّ بتحمل المسؤولية أكثر، كما يستفاد من كلمة «وحينا» أيضاً أن صنع السفينة كان بتعليم الله، وينبغي أن يكون كذلك، لأنّ نوحاً (عليه السلام) لم يكن بذاته ليعرف مدى الطوفان الذي سيحدث في المستقبل ليصنع السفينة بما يتناسب معه، وإِنّما هو وحي الله الذي يعينه في انتخاب أحسن الكيفيات. وفي نهاية الآية ينذر الله نوحاً أن لا يشفع في قومه الظالمين، لأنّهم محكوم عليهم بالعذاب وإِن الغرق قد كتب عليهم حتماً (ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون)؛ هذه الجملة تبين بوضوح أنّ الشفاعة لا تتيسر لكل شخص، بل للشفاعة شروطها، فإذا لم تتوفر في أحد الأشخاص فلا يحق للنّبي أن يشفع له ويطلب من الله العفو لأجله...