المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

جند حقير هنالك مهزوم - لا محالة - كما هزم أمثالهم من المتحزبين على الأنبياء ؟

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

ثم بشر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه بالنصر عليهم فقال : { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأحزاب } .

ولفظ { جند } خبر لمبتدأ محذوف . و " ما " مزيدة للتقليل والتحقير ، نحو قولك : أكلت شيئا ما . أى : شيئا قليلا ، وقيل : هى للتكثير والتهويل كقولهم : لأمر ما جدع قصير أنفه .

أى : لأمر عظيم . . وعلى كلا المعنيين فالمقصود أنهم لا وزن لهم بجانب قدرة الله - تعالى - { هُنَالِكَ } صفة لجند ، أو ظرف لمهزوم ، وهو إشارة إلى المكان البعيد .

و { مَهْزُومٌ } خبر ثان للمبتدأ المقدر ، وأصل الهَزْم : غَمْزُ الشئ اليابس حتى يتحطّم ويُكْسر .

يقال : تَهزَّمت القربة ، بمعنى يبِست ، وتكسرت . وهُزِم الجيش بمعنى غُلِب وكُسِر .

والمعنى : هؤلاء المشركون - أيها الرسول الكريم - لا تهتم بأمرهم ، ولا تكترث بجموعهم ، فهم سواء أكانوا قليلن أم كثيرين ، لا قيمة لهم بجانب قوتنا التى لا يقف أمامها شئ ، ومهما تحزوا عليك فهم جند مهزومون ومغلوبون أمام قوة المؤمنين فى مواطن متعددة .

فالآية الكريمة بشارة للمؤمنين بالنصر على أعدائهم كما قال - تعالى - : { سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر } قال صاحب الكشاف : قوله : { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأحزاب } يريد ما هم إلا جيش من الكفار المتحزبين على رسل الله مهزوم مكسور عما قريب ، فلا تبال بما يقولون ، ولا تكترث بما يهذون ، و " ما " مزيدة ، وفيها معنى الاستعظام . . إلا أنه على سبيل الاستهزاء بهم . و { هنالك } إشارة حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم ، من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله : لست هنالك .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت أقوال المشركين ، وردت عليها ردا يكبتهم ويزهق باطلهم ، وختمت بما يبشر المؤمنين بالنصر عليهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

وقوله : ( جُنْدٌ مّا هنالك مَهزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ ) : يقول تعالى ذكره : هم جُنْدٌ : يعني الذين في عزة وشقاق هنالك ، يعني : ببدر مهزوم . وقوله : هُنالكَ من صلة مهزوم وقوله : مِنَ الأحْزَابِ يعني من أحزاب إبليس وأتباعه الذين مضوا قبلهم ، فأهلكهم الله بذنوبهم . و«مِنْ » من قوله : مِنَ الأحْزَابِ من صلة قوله جند ، ومعنى الكلام : هم جند من الأحزاب مهزوم هنالك ، وما في قوله : جُنْدٌ ما هُنالكَ صلة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( جُنْدٌ مّا هُنالكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ ) : قال : قُريش من الأحزاب ، قال : القرون الماضية .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( جُنْدٌ مّا هُنالكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ ) : قال : وعده الله وهو بمكة يومئذٍ أنه سيهزم جندا من المشركين ، فجاء تأويلها يوم بدر . وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك جُنْدٌ مّا هُنالكَ مغلوب عن أن يصعد إلى السماء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

وقوله تعالى : { جند من هنالك مهزوم } : اختلف المتأولون في الإشارة ب { هنالك } إلى ما هي ؟ فقالت فرقة : أشار إل الارتقاء في الأسباب ، أي هؤلاء القوم إن راموا ذلك جند مهزوم ، وهذا قوي . وقالت فرقة : الإشارة ب { هنالك } إلى حماية الأصنام وعضدها ، أي هؤلاء القوم حند مهزوم في هذه السبيل وقال مجاهد : الإشارة ب { هنالك } ، إلى يوم بدر ، وكان غيب أعلم الله به على لسان رسوله ، أي جند المشركين يهزمون ، فخرج في بدر . وقالت فرقه : الإشارة إل حصر عام الخندق بالمدينه .

وقوله : { من الأحزاب } أي : من جملة أحزاب الأمم الذين تعصبوا في الباطل وكذبوا الرسل فأخذهم الله تعالى . و { ما } ، في قوله : { جند ما } زائدة مؤكدة وفيها تخصيص .