المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، وعدد آياتها ثلاث وخمسون ، وسميت الشورى لإرشادها المؤمنين إلى السير في تصريف أمور مجتمعهم على أساس الشورى ، إحقاقا للحق ، وتقريرا للعدل ، وقد اشتملت على كثير من مسائل الدين وأدلة العقائد .

وقد افتتحت بالتنويه بشأن القرآن وبأنه وحي من عند الله ، وردت طعن الكافرين ، وحرصت على تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وانتقلت بعد ذلك إلى تقرير قدرة الله الذي أنزله وعظم سلطانه ، وكفر بعض الناس مع وضوح الأدلة على أنه من عند الله ، ببيان اختلافهم في إدراك الحق ، وبعده أكدت قدرته تعالى على كل شيء ، ثم أثبتت وحدة الشرائع ، وأشارت إلى من كفر به مع ذلك ، كما أشارت إلى إرشاد الكتب السماوية إلى الحق ، وقد نددت السورة بشرك المشركين واختلافهم في الحق ظلما ، واستعجال المكذبين بالقيامة استهزاء ، وأرشدت إلى ما يجب اتباعه في دعوة الناس إلى الدين ، كما بينت عظم لطف الله بعباده ، وحذرت السورة من الانهماك في طلب الدنيا فحسب ، وبينت سوء حال الجاحدين وحسن حال المؤمنين في الآخرة ، ونددت بادعاء المكذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم افتراء القرآن ، مع عجزهم عن الإتيان بأقصر سورة من مثله ، ثم أبانت قبول الله توبة المؤمنين ، والحكمة في توزيع الرزق بين الناس بتقدير محكم ، فلم يكونوا جميعا أغنياء بغيهم ، ولم يكونوا فقراء خشية هلاكهم ، بل وسع لبعض وضيق على آخرين .

وأوضحت عظم بركات الغيث ، ودلائل قدرة الله في هذا الوجود ، وأن مصائب الدنيا تحصل بسبب المعاصي ، ثم كرر سبحانه بأسلوب آخر حال المؤمنين والمكذبين في الآخرة ، وما يكون عليه المكذبون من ذل ، ودعت إلى المبادرة بإجابة دعوة الله من قبل أن تنتهي الحياة التي هي فرصة العمل ، كما عنيت السورة بتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان حكمة الله وقدرته سبحانه على هبة الإناث لمن يشاء ، والذكور لفريق آخر ، والجمع بينهما لثالث ، وحرمان فريق رابع منهما ، ثم ذكرت طرق خطاب الله تعالى لأنبيائه ، وختمت ببيان الطريق الحق المستقيم الذي يجب اتباعه .

1 - حم . عسق : افتتحت هذه السورة بهذه الحروف الصوتية على طريقة القرآن الكريم في افتتاح كثير من السور بمثل هذه الحروف .