هي ثلاث وخمسون آية ، وهي مكية كلها . أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت { حم * عسق } بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله ، وكذا قال الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وروي عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا أربع آيات منها أنزلت بالمدينة { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } إلى آخرها . وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ونعيم بن حماد والخطيب عن أرطأة بن المنذر قال : جاء رجل إلى ابن عباس وعنده حذيفة بن اليمان فقال : أخبرني عن تفسير حم عسق ، فأعرض عنه ، ثم كرر مقالته فأعرض عنه وكرر مقالته ، ثم كررها الثالثة فلم يجبه ، فقال له حذيفة : أنا أنبئك بها لم كرهها ؟ نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد إله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق ، يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقاً ، يجتمع فيهما كل جبار عنيد ، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله على إحداهما ناراً ليلاً فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها ، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف افتلتت ، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ، ثم يخسف الله بها وبهم جميعاً ، فذلك قوله : { حم عسق } يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء جمع : يعني عدلا منه ، سين : يعني سيكون ، ق لهاتين المدينتين . أقول : هذا الحديث لا يصح ولا يثبت وما أظنه إلا من الموضوعات المكذوبات ، والحامل لواضعه عليه ما يقع لكثير من الناس من عداوة الدول والحط من شأنهم والإزراك عليهم . وأخرج أبو يعلى وابن عساكر قال السيوطي بسند ضعيف : قلت : بل بسند موضوع ومتن مكذوب عن أبي معاوية قال : صعد عمر ابن الخطاب المنبر فقال : أيها الناس هل سمع منكم أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر { حم عسق } فوثب ابن عباس فقال : إن حم اسم من أسماء الله ، قال : فعين قال : عاين المذكور عذاب يوم بدر ، قال : فسين ، قال : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } قال : فقاف فسكت ، فقام أبو ذر ففسر كما قال ابن عباس وقال : قاف قارعة من السماء تصيب الناس . قال ابن كثير في الحديث الأول : إنه غريب عجيب منكر ، وفي الحديث الثاني : إنه أغرب من الحديث الأول . وعندي أنهما موضوعان مكذوبان .
قوله : { حم . عسق } قد تقدّم الكلام في أمثال هذه الفواتح ، وسئل الحسن بن الفضل لم قطع : { حم عسق } ، ولم يقطع { كهيعص } ، فقال : لأنها سور أوّلها { حم } ، فجرت مجرى نظائرها ، فكأن { حم } مبتدأ ، و{ عسق } خبره ، ولأنهما عدا آيتين . وأخواتهما مثل : { كهيعص } ، و{ المرا } ، و{ المص } آية واحدة . وقيل : لأن أهل التأويل لم يختلفوا في : { كهيعص } وأخواتها أنها حروف التهجي لا غير ، واختلفوا في { حم } ، فقيل معناها حم ، أي قضى كما تقدّم . وقيل : إن " ح " حلمه ، و " م " مجده ، و " ع " علمه ، و " س " سناه ، و " ق " قدرته ، أقسم الله بها . وقيل غير ذلك مما هو متكلف متعسف لم يدلّ عليه دليل ، ولا جاءت به حجة ، ولا شبهة حجة ، وقد ذكرنا قبل هذا ما روي في ذلك مما لا أصل له ، والحق ما قدّمناه لك في فاتحة سورة البقرة . وقيل : هما اسمان للسورة . وقيل : اسم واحد لها ، فعلى الأوّل يكونان خبرين لمبتدأ محذوف ، وعلى الثاني يكون خبراً لذلك المبتدأ المحذوف . وقرأ ابن مسعود وابن عباس : ( حم* سقا ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.