تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشورى مكية وآياتها ثلاث وخمسون ، نزلت بعد سورة فصلت . وسميت " الشورى " لإرشاد الله المؤمنين إلى السير في تصريف أمور مجتمعهم على أساس الشورى بقوله تعالى { وأمرهم شورى بينهم } . وذلك لإحقاق الحق ، وإقامة العدل بين الناس . وتعالج السورة قضية العقيدة كسائر السور المكية ، وتركّز بصفة خاصة على حقيقة الوحي والرسالة ، وتأتي سائر الموضوعات في ثناياها . وهي تتوسع في الحديث عن حقيقة الوحدانية ، وتعرضها من جوانب متعددة ، كما تتحدث عن القيامة والإيمان بها وتعرضُ صفات المؤمنين وأخلاقهم التي يمتازون بها ، وتلمّ بقضية الرزق وبَسطه وقبضه .

افتُتحت السورة بتقرير مصدر الوحي ومصدر الرسالة وهو ربّ العالمين الذي بعث الأنبياء والمرسلين لهداية البشرية وإخراجها من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان بالله ، الملك الواحد الدّيان .

وردّت طعن الكافرين ، وحَرصَت على تسلية الرسول الكريم ثم بيّنت قدرة الله الذي له ما في السموات والأرض ، وكُفرَ بعض الناس مع وضوح الأدلة على أن رسالة محمد من عند الله . ثم أكدت قدرته تعالى على كل شيء ، وأثبتت وحدة الدين مشيرة إلى إرشاد الكتب السماوية إلى الحق ، وندّد بشرك المشركين واختلافهم في الحق ظلما ، واستعجال المكذبين بالقيامة استهزاء . بعد ذلك أرشدت إلى ما يجب اتّباعه في دعوة الناس إلى الدين ، كما بينت عِظَم لطف الله بعباده ، وحذّرت من الانهماك في طلب الدنيا ، وبيّنت الحكمة في توزيع الرزق بين الناس بتقدير محكَم .

وأوضحت السورة عظم بركات الغيث ، ودلائل قدرة الله في هذا الوجود ، وأن كثيرا من مصائب الدنيا بسبب المعاصي ، ودعت الناس إلى المبادرة إلى إجابة دعوة الله وطاعة رسوله قبل أن تنتهي الحياة ويفاجئهم ذلك اليوم العظيم . كما عُنيت السورة بتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان قدرته تعالى على هبة الإناث لمن يشاء ، وحرمان فريق آخر منهما بسبب حكمته .

وفي الختام يعود السياق إلى الحقيقة الأولى ، حقيقة الوحي والرسالة ، فتكشف السورة عن طبيعة هذا الاتصال بين الله ومن اختارهم من عباده لهذه المهمة العظيمة ، وانتداب الرسالة الأخيرة وحاملَها صلى الله عليه وسلم لهذه القيادة . { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } . صراط الله وأوامره وتشريعاته .

حم عسق : تقرأ هكذا : حاميم عَين سِين قاف ، وقد تقدم الكلام على مثلها أكثر من مرة .