فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشورى

وتسمى سورة حم عسق وسورة شورى من غير ألف ولام وسورة حم عسق وهي ثلاثة وخمسون آية .

وهي مكية كلها . قاله ابن عباس وابن الزبير . وكذا قال الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وروي عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا أربع آيات منها نزلت بالمدينة { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } إلى آخرها ، وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ونعيم ابن حماد والخطيب عن ارطاة ابن المنذر حديثا طويلا في تفسير حم عسق وهو حديث لا يصح ولا يثبت وما أظنه إلا من الموضوعات المكذوبات ، والحامل لواضعه عليه ما يقع لكثير من الناس من عداوة الدول والحط من شأنهم والازدراء عليهم وكذا ما أخرجه أبو يعلى وابن عساكر عن أبي معاوية قال السيوطي بسند ضعيف وقلت بل بسند موضوع ومتن مكذوب .

وقد قال ابن كثير في الحديث الأول : إنه غريب عجيب منكر وفي الثاني إنه أغرب من الأول وعندي أنهما موضوعان مكذوبان .

{ حم ( 1 ) }

قد تقدم الكلام في أمثال هذه الفواتح قال عبد المؤمن : سألت الحسن ابن الفضل لم قطع حم من عسق ؟ ولم يقطع كهيعص ؟ فقال : لأنها بين سور أولها حم ، فجرت مجرى نظائرها قبلها وبعدها ، فكان حم مبتدأ وعسق خبره ولأنهما عدتا آيتين وعدت أخواتهما مثل كهيعص ، وآلمر وآلمص آية واحدة وقيل : إن الحروف المعجمة كلها في المعنى واحد من حيث إنها أس البيان وقاعدة الكلام ذكره الجرجاني .

وقيل : لأن أهل التأويل لم يختلفوا في كهيعص وأخواتها أنها حروف التهجي لا غير ، واختلفوا في حم فقيل : معناها حم أي قضى ما هو كائن ففصلوا بين ما يقدر فيه فعل وبين ما لا يقدر ، وقيل إن ح حلمه ، وم مجده و ع علمه ، وس سناؤه وق قدرته ، أقسم الله بها ، وقيل : هما اسمان للسورة وقيل : اسم واحد لها ، وقيل غير ذلك مما هو متكلف ومتعسف لم يدل عليه دليل ، ولا جاءت به حجة ولا شبهة ، وقد ذكرنا قبل هذا ما روي في ذلك مما لا أصل له ، والحق ما قدمناه لك في فاتحة سورة البقرة .