بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشورى مكية وهي خمسون وثلاث آيات .

قوله تبارك وتعالى : { حم عسق } روي عن ابن عباس أنه قال : الحاء حكم الله ، والميم ملك الله ، والعين علو الله ، والسين سناء الله ، والقاف قدرة الله . فكأنه يقول : فبحكمي ، وملكي ، وعلوي ، وسنائي ، وقدرتي ، لا أعذب عبداً قال : لا إله إلا الله ، مخلصاً ، فلقيني بها . ومعنى قول ابن عباس : لا يعذب عبداً يعني : لا يعذبه عذاباً دائماً ، خالداً . وروى المسيب عن رجل ، عن أبي عبيدة ، قال : العين عذاب الله ، والسين سنون ، والقاف فيها القحط العجب . قال : وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « افْتَحُوا صِبْيَانُكُمْ قَوْلَ لا إله إلاَّ الله ، وَلَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إله إلاَّ الله » الحِكْمَةُ فِي ذلك ، لأن حال الصبيان حال حسن ، لا غل ، ولا غش في قلوبهم ، وحال الموتى حال الاضطرار . فإذا قلتم ذلك في أول ما يجري عليكم القلم ، وآخر يجف القلم فعسى الله أن يتجاوز ما بين ذلك . قال المسيب : وحدثنا محدث قال : قاف قذف ؛ وقال الضحاك : في قوله : { حم عسق } قال : قضى عذاب سيكون واقعاً ، وأرجو أن يكون قد مضى يوم بدر ، والسنون . وقال شهر بن حوشب : { حم عسق } حرب يذل فيه العزيز ، ويعز فيه الذليل من قريش ، ثم يفضي إلى العرب ، ثم إلى العجم ، ثم هي متصلة إلى خروج الدجال . وقال عطاء : الحاء حرب ، وهو موت ذريع في الناس ، وفي الحيوان ، حتى يبيدهم ، ويفنيهم ، والميم تحويل ملك من قوم إلى قوم ، والعين عدو لقريش يركبهم ، ثم ترجع الدولة إليهم بحرمة البيت ، والسين هو استئصال بالسنين كسني يوسف ، والقاف قدر من الله نافذ في ملكوت الأرض ، لا يخرجون من قدره ، وهو نافذ فيهم . وقال السدي : الحاء حلمه ، والميم ملكه ، والعين عظمته ، والسين سناؤه ، والقاف قدرته . وقال قتادة : هو اسم من أسماء الله تعالى . ويقال اسم من أسماء القرآن .