تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِنَّمَا جَزَـٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (33)

قوله سبحانه : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } ، يعني بالمحاربة الشرك ، نظيرها في براءة ، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ، وذلك أن تسعة نفر من عرينة وهم من بجيلة ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا ، فأصابهم وجع شديد ، ووقع الماء الأصفر في بطونهم ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها ، ففعلوا ذلك ، فلما صحوا عمدوا إلى الراعي ، فقتلوه وأغاروا على الإبل ، فاستاقوها وارتدوا عن الإسلام ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، في نفر فأخذهم .

فلما أتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، أمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم ، فأنزل الله عز وجل فيهم : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } ، يعني الكفر بعد الإسلام ، { ويسعون في الأرض فسادا } القتل وأخذ الأموال ، { أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } ، يعني اليد اليمنى والرجل اليسرى ، فالإمام في ذلك بالخيار في القتل والصلب ، وقطع الأبدي والأرجل ، { أو ينفوا من الأرض } ، يقول : يخرجوا من الأرض ، أرض المسلمين ، فينفوا بالطرد ، { ذلك } جزاءهم الخزي { لهم خزي في الدنيا } قطع اليد والرجل والقتل والصلب في الدنيا ، { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } ، يعني كثيرا وافرا لا انقطاع له .