{ فمهل الكافرين أمهلهم رويدا } آية فإنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قد أظهر الإيمان ، وآمن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فلما آمن عمر ، قال بعضهم لبعض : ما ترى أمر محمد إلا يزداد يوما بيوم ، ونحن في نقصان لا شك ، لأنه والله يفوق جمعنا وجماعتنا ، ويكثر ونقل ، ولا شك إلا أنه سيغلبنا ، فيخرجنا من أرضنا ، ولكن قوموا بنا حتى نستشير في أمرهن فدخلوا دار الندوة منهم عتبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، والوليد بن المغيرة ، وأبو البحتري بن هشام ، وعمرو بن عمير بن مسعود الثقفي ، فلما دخلوا دخل معهم إبليس في صورة رجل شيخ ، فنظروا إليه ، فقالوا : يا شيخ من أدخلك علينا ؟ ومن أنت ؟ قد علمت أنا قد دخلنا هاهنا في أمر ما نريد أن يعلم به أحد ، قال إبليس : إني والله ، لست من أرض تهامة ، وإني رجل من الأزد ، ويقال : من نجد ، قدمت اليمن وأنا أريد العراق ، في طلب حاجة ، ولكني رأيتكم حسنة وجوهكم ، طيبة رائحتكم ، فأحببت أن أستريح وأسمع من أحاديثكم ، فقال بعضهم لبعض : لا بأس علينا منه ، وإنه والله ليس من أرض تهامة ، قالوا : يا شيخ أغلق الباب وأجلس .
فقال أبو جهل بن هشام : ما تقولون في هذا الرجل الذي قد خالف ديننا وسب آلهتنا ، ويدعو إلى غير ديننا وليس يزداد أمره إلا كثرة ، ونحن في قلة وينبغي لنا أن نحتال ؟ ثم قال : يا عمر بن عمير ما تقول فيه ؟ قال عمرو : رأيي فيه أن نردفه على بعير وناقة ، فنخرجه من الحرم ، فيكون شره على غيرنا .
قال إبليس : عند ذلك بئس الرأي رأيت يا شيخ ، تعمد إلى رجل قد ارتكب منكم ما قد ارتكب ، وهو أمر عظيم ، فنظر دونه فلا شك أنه يذهب فيجمع جموعا ، فيخرجكم من أرضكم .
قالوا : ما تقول يا أبا البحتري ؟ قال : أما والله ، إن رأيي فيه ثابت ، قالوا : ما هو ؟ قال : ندخله في بيت فنسد بابه عليه ، ونترك له ثلمة قدر ما يتناول منه طعامه وشرابه ونتربص به إلى أن يموت .
قال إبليس عند ذلك : بئس والله ، الرأي رأيت يا شيخ تعمدون إلى رجل هو عدو لكم فتربونه ، فلا شك أن يغضب له قومه فيقاتلونكم حتى يخرجوه من أيديكم فما لكم وللشر ؟ قالوا : صدق والله فما تقول : يا أبا جهل ؟ قال : تعمدون إلى كل بطن من قريش فنختار منهم رجالا فنمكنها من السيوف ويمشون كلهم بجماعتهم فيضربونه ، حتى يقتلوه فلا يستطيع بنو هاشم أن تعادى قريشا كلهم ، وتؤدون ديته .
قال إبليس : صدق والله ، الشاب فخرجوا على ذلك القول راضين بقتله ، وسمع عمه أبو طالب ، واسمه عبد العزى بن عبد المطلب ، فلم يخبر محمدا لعله أن يجزع من القتل ، فيهرب ، فيكون مسبة عليهم ، فأنزل الله عز وجل :{ أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون } [ الزخرف :79 ] ، يقول : أم أجمعوا أمرا على قتل محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنا مجمعون أمرا على قتلهم ببدر ، وقال :{ أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون } [ الطور :42 ] ، وقال :{ إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا } .
قال : فسمع أبو طالب ما سمع ، قال : يا ابن أخي ما هذه الهينمة ؟ قال : أما تعلم يا عم ما أرادت قريش ؟ قال : سمعت ما سمعته يا ابن أخي ، قال : نعم ، قال : ومن أخبرك بذلك ؟ قال : ربي ، قال : أما والله ، يا ابن أخي إن ربك بك لحفيظ فامض لما أمرت يا ابن أخي ، فليس عليك غضاضة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.