ولما كان هذا معلماً بأنهم عدم لا اعتبار بهم ، قال مسبباً عنه تهديداً لهم يا له من تهديد {[72756]}ما أصعبه{[72757]} : { فمهل } أي تمهيلاً عظيماً بالتدريج . ولما كان في المكذبين في علم الله من يؤمن فليس مستحقاً لإيقاع مثل هذا التهديد ، عبر بالوصف المقتضي للرسوخ فقال : { الكافرين } أي فلا تدع عليهم ولا تستعجل لهم بالإهلاك ، فإنا لا نعجل {[72758]}لأنه لا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوت ، حكي أن الحجاج كان سجنه من رخام وأرضه من رصاص ، فكان يتلون بتلون الأوقات ، فوقت الحر جهنم ، ووقت البرد زمهرير ، فمر به يوماً فاستغاثوا فطأطأ رأسه لهم وقال : اخسؤوا فيها ولا تكلمون ، فأخذت الأرض قوائم جواده فرفع طرفه إلى السماء وقال : سبحانك لا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوت ، وانطلق من وقته{[72759]} ، فإن العجلة -وهي-{[72760]} إيقاع الشيء في غير وقته الأليق به -{[72761]} نقص فإنه لا يعجل إلا من يكون ما يفعل-{[72762]} المستعجل عليه خارجاً عن قبضته .
ولما كانت صيغة التفعيل ربما أفهمت التطويل ، أكد ذلك مجرداً للفعل دلالة على أن المراد بالأول إيقاع الإمهال مع أن زمنه قصير بالتدريج ليطمئن الممهل بذلك{[72763]} وتصير له به-{[72764]} قوة عظيمة ودرته ؟ وعزيمة صادقة لأن ما يقولونه مما تشتد كراهة النفوس له ، فلا يقدر أحد على الإعراض عنه إلا بمعونة عظيمة : { أمهلهم } أي بالإعراض عنهم مرة واحدة بعد التدريج لما صار لك على حمله من القوة بالتدريج{[72765]} - الذي أمرت به سابقاً { رويداً * } أي إمهالاً يسيراً فستكون عن قريب لهم أمور ، وأي أمور تشفي الصدور ، وهو تصغير " اروادا " تصغير ترخيم ، قال ابن برجان : وهي كلمة تعطي الرفق ، وهذا الآخر هو المراد بما في أولها من أن كلاًّ منهم ومن غيرهم محفوظ بحفظه مضبوطة أقواله وأفعاله و{[72766]}حركاته وسكناته{[72767]} وأحواله ، فإن ذلك مستلزم لأنه{[72768]} في القبضة ، فقد{[72769]} التقى الطرفان على أعظم شأن بأبين-{[72770]} برهان ، ووقع أول هذا الوعيد يوم بدر ثم تولى{[72771]} نكالهم وتحقيرهم{[72772]} وإسفالهم إلى أن ذهب كثير منهم بالسيف وكثير منهم بالموت-{[72773]} حتف الأنف إلى النار ، وبقي الباقون في الصغار إلى أن أعزهم الله بعز الإسلام ، وصاروا من الأكابر الأعلام{[72774]} ، تشريفاً {[72775]}وتكريماً وتعظيماً{[72776]} لهذا النبي الكريم{[72777]} عليه أفضل الصلاة والسلام{[72778]} ، والله تعالى هو أعلم بالصواب{[72779]} .
وهذا الآخر هو المراد بما في أولها من أن كلاًّ منهم ومن غيرهم محفوظ بحفظه مضبوطة أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وأحواله ، فإن ذلك مستلزم لأنه في القبضة ، فقد التقى الطرفان على أعظم شأن بأبين برهان ، ووقع أول هذا الوعيد يوم بدر ثم تولى نكالهم وتحقيرهم وإسفالهم إلى أن ذهب كثير منهم بالسيف وكثير منهم بالموت حتف الأنف إلى النار ، وبقي الباقون في الصغار إلى أن أعزهم الله بعز الإسلام ، وصاروا من الأكابر الأعلام ، تشريفاً وتكريماً وتعظيماً لهذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ، والله تعالى هو أعلم بالصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.