الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَمَهِّلِ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا} (17)

قوله : { أَمْهِلْهُمْ } : هذه قراةُ العامَّة ، لَمَّا كرَّر الأمرَ توكيداً خالَفَ بين اللفظَيْن . وعن ابن عباس " مَهِّلْهُمْ " كالأولِ . والإِمهالُ والتمهيلُ الانتظارُ . يقال : أَمْهَلْتُك كذا ، أي : انتظرتُك لِتَفْعَلَه . والمَهْلُ : الرِّفْقُ والتُّؤَدَةُ .

قوله : { رُوَيْداً } مصدرٌ مؤكِّدٌ لمعنى العامل ، وهو تصغيرُ إرْواد على الترخيم . وقيل : بل هو تصغيرُ " رُوْدِ " ، وأنَشد :

تكادُ لا تَثْلِمُ البَطْحاءُ وَطْأتَه *** كأنَّه ثَمِلٌ يَمْشي على رُوْدِ

واعلَمْ أنَّ رُوَيْداً يُستعمل مصدراً بدلاً من اللفظِ بفعلِه ، فيُضاف تارةً كقوله : { فَضَرْبَ الرِّقَابِ } [ محمد : 4 ] ولا يُضافُ أخرى نحو : رويداً زيداً [ ويُستعمل اسمَ فعلٍ فلا يُنَوَّن ، بل يبنى على الفتح نحو : رُوَيْداً زيداً ] ويقع حالاً نحو : ساروا رُوَيْدا ، أي : متمهِّلين ، ونعتاً لمصدر محذوف نحو : " ساروا رُوَيْداً " ، أي : سَيْراً رويداً . وهذه الأحكامُ لها موضوعٌ هو أَلْيَقُ بها .