غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

1

ثم سلى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : { فلعلك تارك } قال ابن عباس : إن رؤساء مكة قالوا : إن كنت رسولاً فاجعل لنا جبال مكة ذهباً أو ائتنا بالملائكة ليشهدوا لك فخاطب الله سبحانه نبيه بقوله : { فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك } واختلفوا في ذلك البعض فعن ابن عباس أن المشركين قالوا له : ائتنا بكتاب ليس فيه شتم آلهتنا حتى نتبعك ونؤمن بكتابك . وقال الحسن : طلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يترك قوله :

{ إن الساعة آتية } [ طه :15 ] وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز على الرسول أن يترك بعض ما أوحى الله إليه لأنه ينافي المقصود من الرسالة المعتبر فيها الأمانة ، فأوّلوا الآية بأن أمثال هذه التهديدات لعلها سبب بعدم التقصير في أداء الوحي فلهذا خوطب بها ، أو لعله صلى الله عليه وسلم بين محذورين : أحدهما ترك أداء شيء من الوحي ، وثانيهما أنهم كانوا يتلقون الوحي بالطعن والاستهزاء ، فنبه بالآية على أن تحمل الضرر الثاني أهون وإذا وقع الإنسان بين مكروهين وجب أن يختار أسهلهما ، والعربي يقول لغيره إذا أراد أن يزجره : لعلك تفعل كذا أي لا تفعل . وإنما قال : { وضائق } ولم يقل وضيق { به صدرك } دلالة على أنه ضيق حادث لأنه صلى الله عليه وسلم كان أفسح الناس صدراً . ومعنى { أن يقولوا } مخافة أن يقولوا : { لولا أنزل } أي هلا أنزل عليه ما اقترحنا نحن من الكنز والملائكة ولم أنزل عليه ما لا نريده ولا نقترحه .

/خ24